إنّ الملاحظة الدقيقة للآيات الكريمة تبيّن لنا أنّ السبب الأساس لذلك يرجع إلى مسألة منع الناس عن طريق الحقّ ، وتكذيب الآيات الإلهية ، وهذا هو منتهى الظلم ، كما أنّ الصدّ عن الوصول إلى الهدى والسعادة الأبدية وقيم الخير ، يمثّل أسوأ عمل وأعظم ظلم ، حيث المنع عن الخير كلّه وفي كافّة المجالات.
ثمّ يستعرض القرآن الكريم نقطة اخرى ويبيّن لنا أنّ أعداء الحقّ ليسوا بقادرين على الوقوف بوجه مبادئ السماء والأنوار الإلهيّة العظيمة ، حيث يقول سبحانه : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
وهنا تشبيه رائع لعمل هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون عبثا إطفاء نور الشمس التي تضيء العالم كلّه بنفخة ، إنّهم كالخفافيش التي تتصوّر أنّها قادرة على تحدّي وهج الشمس وأشعّتها الساطعة بالنوم نهارا بعيدا عن نورها ، والظهور في ظلمة الليل وعتمته.
وتاريخ الإسلام صورة ناطقة لهذا التنبّؤ القرآني العظيم ، فرغم ضخامة المؤامرات التي حيكت ضدّه والجهود الجبّارة المقترنة بالإمكانات الهائلة من الأعداء لطمس معالم هذا الذين والقضاء عليه منذ اليوم الأوّل لظهوره إلى يومنا هذا .. فإنّ جميعها كانت خائبة وخاسئة وذهبت أدراج الرياح .. وقد عمد هؤلاء إلى أساليب عدّة في حربهم القدرة ضدّ الإسلام :
فتارة اتّبعوا أسلوب الأذى والسخرية.
واخرى عن طريق الحصار الاقتصادي والاجتماعي ..
وثالثة فرض الحروب ، كـ (أحد والأحزاب وحنين) وتجهيز الجيوش القوية لذلك.
ورابعة عن طريق التآمر الداخلي ، كما كان عمل المنافقين.
وأحيانا عن طريق إيجاد الاختلافات في داخل الصفّ الإسلامي.
وأحيانا اخرى الحروب الصليبية.