يقول تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ).
هذه الآية لعلّها إشارة إلى مخالفات بني إسرائيل وذرائعهم في حياة موسى عليهالسلام ، أو أنّها إشارة إلى قصّة (بيت المقدس) حيث قال بنو إسرائيل لموسى عليهالسلام : (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها) ـ أي الجبارين ـ (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (١) ولهذا فقد بقوا في وادي (التيه) أربعين سنة ، ذاقوا فيها وبال أمرهم لتهاونهم في أمر الجهاد ، ولادّعاءاتهم الواهية.
ولكن مع الالتفات إلى الآية (٦٩) من سورة الأحزاب يظهر أنّ المراد من هذا الإيذاء هو ما كانوا ينسبونه لموسى عليهالسلام من تهم ، كما يبيّن ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً).
حيث اتّهم عليهالسلام بقتل أخيه هارون عليهالسلام ، واخرى ـ معاذ الله ـ بالعلاقة مع امرأة فاسقة (وذلك ضمن مخطّط قارون للتهرّب من إعطاء الزكاة) ، وثالثة بالسحر والجنون ، كما ألصقت به عليهالسلام عدّة عيوب جسمية اخرى ، جاء شرحها في تفسير الآية ـ أعلاه ـ من سورة الأحزاب (٢).
كيف يستسيغ هؤلاء أدعياء الإيمان إلصاق أمثال هذه التّهم بأنبيائهم!؟
إنّ هذه الممارسة تمثّل في الواقع نموذجا صارخا للتناقض بين القول والعمل ، ممّا حدا بموسى عليهالسلام إلى مخاطبة أصحابه : لماذا تسيؤون إليّ مع علمكم بأنّي رسول الله إليكم؟
وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الممارسات لم تبق بدون عقاب كما نقرأ ذلك في نهاية الآية حيث ، قال تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي
__________________
(١) المائدة ، الآية ٢٤.
(٢) التفسير الأمثل الآية أعلاه من سورة الأحزاب.