٢ ـ يقول سبحانه في الأمر اللاحق : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ).
ورغم أنّ البند المثبت في (وثيقة صلح الحديبية) يشير إلى أنّ الأشخاص الذين أسلموا وهاجروا إلى المدينة يجب إرجاعهم إلى مكّة ، إلّا أنّه خاصّ بالرجال ولا يشمل النساء ، لذا فإنّ رسول الله لم يرجع أيّة امرأة إلى الكفّار. وإلّا فرجوع المسلمة إلى الكفّار يمثّل خطرا حقيقيّا على وضعها الإيماني ، وذلك بلحاظ ضعفها وحاجتها إلى الرعاية المستمرّة.
٣ ـ في ثالث نقطة التي هي في الحقيقة دليل على الحكم السابق يضيف تعالى : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ).
فالإيمان والكفر لا يجتمعان في مكان واحد ، لأنّ عقد الزواج المقدّس لا يمكن أن يربط بين محورين وخطّين متضادّين (خطّ الإيمان) من جهة و (الكفر) من جهة اخرى ، إذ لا بدّ أن يكون عقد الزواج يشكّل نوعا من الوحدة والتجانس والانسجام بين الزوجين ، وهذا ما لا يمكن أن يتحقّق نتيجة الاختلاف والتضادّ التي سيكون عليها الزوجان في حالة كون أحدهما مؤمنا والآخر كافرا.
ونلاحظ في بداية صدر الإسلام حالات من هذا القبيل لزوجين أحدهما مؤمن والآخر كافر ، ولم ينه عنها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث لم يزل المجتمع الإسلامي قلقا وغير مستقرّ بعد ، إلّا أنّه عند ما تأصّلت جذور العقيدة الإسلامية وترسّخت مبادئها ، أعطى أمرا بالانفصال التامّ بين الزوجين بلحاظ معتقدهما ، وخاصّة بعد صلح الحديبية ، والآية ـ مورد البحث ـ هي إحدى أدلّة هذا الموضوع.
٤ ـ كان المتعارف بين العرب أن يدفعوا للمرأة مهرها سلفا ، ولهذا المعنى أشار سبحانه في قوله في الأمر الرابع : (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا).
بالرغم من أنّ أزواج المؤمنات كفّار فلا بدّ من إعطائهم ما أنفقوا من مهور على زوجاتهم ، وذلك لأنّ الطلاق والانفصال قد تمّ بمبادرة من المرأة بسبب