عليهالسلام أنّه إذا تبنّى طريق التوحيد فإنّه عليهالسلام سيستغفر له الله سبحانه ، وقد عمل بما وعده به ، إلّا أنّ آزر لم يؤمن وبقي على ضلاله ، وعند ما اتّضح لإبراهيم أنّه عدوّ الله وسوف لن يؤمن أبدا ، لم يستغفر له ثانية وقطع علاقته به.
ولمّا كان المسلمون مطّلعين على منهج إبراهيم عليهالسلام في تعامله مع «آزر» بصورة إجمالية ، فقد كان من المحتمل أن يكون هذا الموقف موضع إحتجاج لأشخاص مثل (حاطب بن أبي بلتعة) حيث كانوا يقيمون العلاقات والارتباطات السريّة مع الكفّار ، ولهذا فالقرآن الكريم يقطع الطريق على مثل هذه التصوّرات ويعلن ـ صراحة ـ أنّ هذا الاستثناء قد تمّ تحت شروط خاصّة ، وكان أسلوبا لاستدراج (آزر) إلى الهدى وإدخاله في الإيمان ، ولم يكن لأهداف دنيوية آنية أو مصلحة وقتية ، لذا يقول عزوجل في بيان هذا المعنى : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١).
إلّا أنّ بعض المفسّرين يرى أنّ هذا الأمر كان استثناء من التأسّي بـ (إبراهيم) ، وقالوا يجب الاقتداء به في جميع الأمور إلّا في استغفاره لعمّه آزر.
إلّا أنّ هذا المعنى بعيدا جدّا لأنّه :
أوّلا : كان عليهالسلام أسوة في جميع الأمور ومن ضمنها إتّباع هذا المنهج ، وذلك بلحاظ أنّ الشروط التي توفّرت في (آزر) توفّرت أيضا في بعض المشركين وعند ذلك لا بدّ من إظهاره المودّة لهم وتهيئة الأجواء الطيّبة لهم ، وجذبهم للإيمان.
وثانيا : أنّ إبراهيم عليهالسلام نبي معصوم من أنبياء الله العظام ومن المجاهدين اللامعين ، وأعماله كلّها أسوة للمؤمنين ، وعندئذ لا داعي لاستثناء هذه المسألة من التأسّي به فيها.
__________________
(١) التوبة ، الآية ١١٤.