شَيْئاً) (١).
وهذه الأموال ستصبح لعنة عليهم وطوقا في أعناقهم وسببا لعذابهم المؤلم ، كما يوضّح الله سبحانه وتعالى ذلك في قوله : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٢).
وكذلك بالنسبة لأولادهم الضالّين فإنّهم سيكونون سببا لعذابهم ، وأمّا الصالحون والمؤمنون فيستبرءون منهم.
نعم ، في يوم القيامة لا ملجأ إلّا الله ، وحينئذ يتجلّى خواء الأسباب الاخرى ، كما يتبيّن ذلك في قوله تعالى : (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٣)
وفي ذيل الآية يهدّدهم ويقول : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
وبهذه الصورة فقد وصف القرآن الكريم عذابهم أحيانا بأنّه «شديد» ، وأحيانا بأنّه مذلّ و «مهين» ، وثالثة بأنّه «خالد» ، وكلّ واحدة من هذه الصفات متناسبة مع طبيعة أعمالهم.
والعجيب أنّ المنافقين لا يتخلّون عن نفاقهم حتّى في يوم القيامة أيضا ، كما يوضّح الله سبحانه ذلك في قوله : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) (٤).
إنّ يوم القيامة يوم تتجلّى فيه الأعمال ، وحقيقة الإنسان التي كان عليها في الدنيا ، ولأنّ المنافقين أخذوا هذه الحالة النفسية معهم إلى القبر والبرزخ ، فإنّها ستتضح يوم القيامة أيضا ، ومع علمهم بأنّ الله سبحانه لا يخفى عليه شيء وأنّه
__________________
(١) اعتبر بعض المفسّرين أنّ كلمة «عذاب» هنا مقدرة وقالوا : إنّ المقصود هو (من عذاب الله) ، (القرطبي وروح البيان والكشّاف) ، ويوجد هنا احتمال آخر ، وهو أنّ الآية ليس لها تقدير والمراد من كلمة (الله) هو أنّهم لا يجدون ملجأ آخر غيره.
(٢) آل عمران ، الآية ١٨٠.
(٣) البقرة ، الآية ١٦٦.
(٤) «يوم» ظرف ومتعلّق بـ (اذكر) المحذوفة ، أو متعلّق بما قبله يعني «لهم عذاب مهين» ، أو «أولئك أصحاب النار» ، إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أنسب.