خَبِيرٌ).
إنّه عالم بالظهار ، وكذلك عالم بالذين يتهرّبون من الكفّارة ، وكذلك بنيّاتكم! ولكن كفّارة تحرير (رقبة) قد لا تتيسّر لجميع من يرتكب هذا الذنب كما لا حظنا ذلك ـ في موضوع سبب نزول هذه الآية المباركة ، حيث أنّ «أوس بن الصامت» ـ الذي نزلت الآيات الاولى بسببه ـ قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي غير قادر على دفع مثل هذه الكفّارة الثقيلة ، وإذا فعلت ذلك فقدت جميع ما أملك. وقد يتعذّر وجود المملوك. ليقوم المكلّف بتحرير رقبته حتّى مع قدرته المالية ، كما في عصرنا الحاضر ، لهذا كلّه ولأنّ الإسلام دين عالمي خالد فقد عالج هذه المسألة بحكم آخر يعوّض عن تحرير الرقبة ، حيث يقول عزوجل : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).
وهذا اللون من الكفّارة في الحقيقة له أثر عميق على الإنسان ، حيث أنّ الصوم بالإضافة إلى أنّه وسيلة لتنقية الروح وتهذيب النفس ، فإنّ له تأثيرا عميقا وفاعلا في منع تكرّر مثل هذه الأعمال في المستقبل.
ومن الواضح ـ كما في ظاهر الآية ـ أنّ مدّة الصوم يجب أن تكون ستّين يوما متتابعا ، وكثير من فقهاء أهل السنّة أفتوا طبقا لظاهر الآية ، إلّا أنّه قد ورد في روايات أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أنّ المكلّف إذا صام أيّام قلائل حتّى ولو يوما واحدا بعد صوم الشهر الأوّل ، فإنّ مصداق التتابع في الشهرين يتحقّق ، وهذا الرأي حاكم على ظاهر الآية (١).
وهذا يوضّح لنا أنّ المقصود من التتابع في الآية أعلاه والآية (٩٢) من سورة النساء في موضوع كفّارة القتل غير المتعمّد. أنّ المقصود هو التتابع بصورة إجمالية.
__________________
(١) يراجع وسائل الشيعة ، ج ٧ ، ص ٢٧١ ، الباب الثالث من أبواب بقية الصوم الواجب.