وقد ذكر المفسّرون احتمالات عديدة في تفسير جملة : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) حيث ذكر المقداد ـ في كنز العرفان ستّة تفاسير لها ، إلّا أنّ الظاهر ـ خصوصا بالنظر إلى جملة : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ـ أنّ هؤلاء قد ندموا لقولهم وأرادوا الرجوع إلى حياتهم العائلية ، وقد ذكر هذا المعنى في روايات أهل البيت عليهمالسلام أيضا (١).
وذكرت تفاسير اخرى لهذا المقطع من الآية ، إلّا أنّها لا تتناسب بصورة تامّة مع معنى الآية ونهايتها. منها أنّ المراد من «العود» هو تكرار الظهار ، أو أنّ المقصود من العود هو العودة إلى السنّة الجاهلية في مثل هذه الأمور ، أو أنّ العود بمعنى تدارك وتلافي هذا العمل وما إلى ذلك (٢).
«رقبة» جاءت هنا كناية عن الإنسان ، وهذا بلحاظ أنّ الرقبة أكثر أعضاء الجسم حسّاسية ، كما تأتي كلمة «رأس» بهذا المعنى ، لذا فإنّه يقال بدلا من خمسة أشخاص ـ مثلا ـ خمسة رؤوس.
ثمّ يضيف تعالى : (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ).
أي يجب ألّا تتصوّروا أنّ مثل هذه الكفّارة في مقابل الظهار ، كفّارة ثقيلة وغير متناسبة مع الفعل. إنّ المقصود بذلك هو الموعظة والإيقاظ لنفوسكم ، والكفّارة عامل مهمّ في وضع حدّ لمثل هذه الأعمال القبيحة والمحرّمة ، ومن ثمّ السيطرة على أنفسكم وأقوالكم.
وأساسا فإنّ جميع الكفّارات لها جنبة روحية وتربوية ، والكفّارات المالية يكون تأثيرها غالبا أكثر من التعزيرات البدنية.
ولأنّ البعض يحاول أن يتهرّب من إعطاء الكفّارة بأعذار واهية في موضوع الظهار ، يضيف عزوجل أنّه يعلم بذلك حيث يقول في نهاية الآية : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ
__________________
(١) مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث.
(٢) يراجع كنز العرفان ، ج ٢ ، ص ٢٩٠ ، ومجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٤٧.