وكثيرا (١) ما يفهم الكلّ من غير التفات إلى الجزء ، كما ذكره الشّيخ الرّئيس في الشّفاء أنّه يجوز أن يخطر النّوع بالبال ، ولا يلتفت الذّهن إلى الجنس.
________________________________________
جزئه ، أي الحيوان والنّاطق ، وأراد تفهيم جزء جزئه ، أي الجسم النّامي ، وهكذا ، والتّرتيب الأوّل في صقع الدّلالة التصوّريّة ، وهذا التّرتيب في صقع الدّلالة التّصديقيّة ، والمصطلح عند القوم أنّ التّضمّن هو فهم الجزء بعد فهم الكلّ ، أي التّصديق والبناء ، بأنّه مراد بعد التّصديق ، والبناء على أنّ الكلّ مراد ، فإذا لا يرد ما ذكر من أنّ الأمر بالعكس ، إذ في التّرتيب النّزولي ، وبحسب الدّلالة التّصديقيّة فهم الجزء متأخّر عن فهم الكلّ ، وفهم جزء الجزء متأخّر عن فهم الجزء وهكذا ، فما ذكر مسلّم بحسب الدّلالة التصوّريّة لا بحسب الدّلالة التّصديقيّة ، وملاك التّضمّن هو الفهم التّصديقي.
وبحسب هذا الفهم التّصديق يكون فهم الكلّ أسبق من فهم الجزء ، ولازم ذلك أنّ دلالة اللّفظ على الكلّ أوضح من دلالته على الجزء ، فالمراد بقوله : «ولكن المراد هنا انتقال الذّهن إلى الجزء» ، أي في التّرتيب النّزولي «وملاحظته بعد فهم الكلّ» أي ملاحظة الجزء بأنّه مراد للمتكلّم ، بعد ملاحظة أنّ الكلّ مراد له.
(١) هذا جواب ثان عن الاعتراض المذكور ، وحاصله أنّ ما ذكرنا من تسليم كون فهم الجزء مقدّما على فهم الكلّ ، وفهم جزء الجزء مقدّما على فهم الجزء ، في مرحلة الدّلالة التصوّريّة إنّما هو على تقدير الممّاشاة ، وإلّا ففي الحقيقة ليس الأمر كذلك ، بل فهم الكلّ مقدّم على فهم الجزء في الدّلالة التصوّريّة والتّصديقيّة معا.
نعم ، معرفة الجزء مقدّم على الكلّ في مقام تعليم من هو جاهل بالموضوع له ، وأمّا بعد التّعليم وحصول المعرفة ففي مقام فهم المعنى من اللّفظ فهم الكلّ مقدّم على الجزء ، بل كثيرا ما يفهم الكلّ من اللّفظ ويخطر في الذّهن من دون التفات إلى الأجزاء ، كما ذكره الشّيخ الرّئيس في الشّفاء ، حيث قال : إنّه يجوز أن يخطر النّوع بالبال ، ولا يلتفت الذّهن إلى الجنس ، أي يخطر النّوع على سبيل الإجمال لا التّفصيل ، إذ خطوره بالبال مفصّلا بدون خطور الجنس محال ، فيخطر النّوع كالإنسان بالبال ، أي بالذّهن ، ولا يلتفت الذّهن إلى الجنس ، أي الحيوان مثلا ، كما ذكره الشّيخ الرّئيس في الشّفاء أنّه يجوز أن يخطر النّوع بالبال ، ولا يلتفت الذّهن إلى الجنس.