جزء منه على ذلك المعنى (١) أوضح من دلالة الشّيء (٢) الّذي ذلك المعنى (٣) جزء من جزئه مثلا دلالة الحيوان على الجسم أوضح من دلالة الإنسان عليه ، ودلالة الجدار على التّراب أوضح (٤) من دلالة البيت عليه. فإن قلت (٥) : بل الأمر بالعكس.
________________________________________
(١) أي كالجسم.
(٢) أي كالإنسان.
(٣) أي كالجسم ، والحاصل إنّ دلالة الحيوان على الجسم أوضح من دلالة الإنسان عليه ، وذلك لأنّ دلالة الحيوان على الجسم من غير واسطة ، لأنّ الجسم جزء من الحيوان ، لأنّ حقيقة الحيوان جسم نام حساس متحرك بالإرادة ، ودلالة الإنسان على الجسم بواسطة الحيوان ، لأنّ الحيوان جزء من الإنسان ، والجسم جزء من الحيوان ، فالجسم جزء للإنسان بواسطة الحيوان ، لأنّه جزء الجزء ، فالإنسان يدلّ على الحيوان ابتداء ، وعلى الجسم ثانيا ، بخلاف الحيوان فإنّه يدلّ على الجسم ابتداء ، فدلالته عليه أوضح من دلالة الإنسان ، فكما أنّ مراتب لزوم اللّوازم للملزوم متفاوتة في الوضوح ، كذلك مراتب لزوم الأجزاء للكلّ متفاوتة فيه.
(٤) أي دلالة الجدار على التّراب أوضح من دلالة البيت عليه ، وذلك لأنّ دلالة الجدار على التّراب تكون بلا واسطة ، ودلالة البيت عليه تكون مع الواسطة ، ومن المعلوم أن الدّلالة بلا واسطة أوضح منها معها ، وأتى بمثالين ليكون إشارة إلى عدم الفرق بين أن يكون الجزء معقولا كالمثال الأوّل أو محسوسا كالمثال الثّاني.
(٥) هذا وارد على قوله : «فدلالة الشّيء الّذي ذلك المعنى جزء منه على ذلك المعنى أوضح ...» ، وحاصل الإيراد إنّ ما ذكرتم من أنّ دلالة الشّيء الّذي ذلك المعنى جزء منه على ذلك المعنى أوضح من دلالة الشّيء الّذي ذلك المعنى جزء من جزئه عليه ممنوع ، إذ لازمه أن تكون دلالة اللّفظ على جزئه أوضح من دلالته على جزء جزئه ، والحال إنّ الأمر بالعكس ، أي دلالة الإنسان على الجسم أوضح من دلالة الحيوان عليه عكس ما ذكرتم ، من أنّ دلالة الحيوان عليه أوضح.
وتوضيح ذلك أنّ الكلّ كما أنّه متوقّف على أجزائه بحسب الوجود الخارجي ، فما لم تتحقّق الأخشاب المخصوصة خارجا لا يمكن تحقّق السّرير ، وما لم يتحقّق الجدار والسّقف والسّاحة لم تتحقّق الدّار ، وما لم يتحقّق الماء والعسل والخل لم يتحقّق السّكنجبين ، وهكذا ، كذلك