الخلفاء من الأُصول؟
قال الغزالي : واعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليست من المهمّات ، وليس أيضاً من فن المعقولات ، بل من الفقهيّات. (١)
وقال الآمدي : اعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدّيّات بحيث لا يسع المكلّف الإعراض عنها والجهل بها. (٢)
وقال السيد الشريف : وليست الإمامة من أُصول الديانات والعقائد ، بل هي من الفروع المتعلّقة بأفعال المكلّفين ، إذ نصب الإمام عندنا واجب على الأُمّة سمعاً. (٣)
فإذا كانت الكبرى حكماً فرعياً من فروع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد قام المسلمون بعد رحيل الرسول بتطبيقها على الخلفاء الأربعة ثم توالى الخلفاء بعدهم ، أفهل يكون ذلك دليلاً على أنّ الاعتقاد بخلافتهم أصل من الأُصول؟
إذ طالما قام المسلمون بواجبهم في أكثر بقاع العالم فبايعوا شخصاً بالخلافة فلم تُصبح خلافته أصلاً من أُصول الإسلام ، هذا من غير فرق بين أن نقول بصحّة خلافتهم وكونها جامعة شرائط الخلافة أم لم نقل ، إنّما الكلام في أنّ الاعتقاد بها ليس أصلاً من أُصول الإسلام.
ومن سبر التاريخ يقف على أنّ يد السياسة أوجدت تلك الفكرة ، وجعلت خلافة الخلفاء الثلاث أصلاً من أُصول الإيمان ليكون ذريعة إلى سائر المسائل السياسية.
__________________
(١) الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٢٣٤.
(٢) غاية المرام في علم الكلام ، ص ٣٦٢.
(٣) شرح المواقف ، ج ٨ ، ص ٣٤٤.