في تناول الأدوية غير المستساغة وغيرها ، فإنّ الإنسان يشرب الدواء المرّ عن إرادة لا عن شوق.
٤. الإرادة : القصد والعزم
الإرادة كيفية نفسانية متخلّلة بين العلم الجازم والفعل ويعبّر عنها بالقصد والعزم تارة ، وبالإجماع والتصميم أُخرى. وليس ذلك القصد من مقولة الشوق بقسميه المؤكّد وغير المؤكّد ، كما أنّه ليس من مقولة العلم رغم حضوره لدى النفس كسائر الكيفيات النفسانية.
وباختصار ، حقيقة الإرادة هي العقد والميل القاطع نحو الفعل ، وهذا هو المختار ويشهد عليه الوجدان.
وعلى كلّ حال فسواء أصحّت هذه التفاسير للإرادة الإنسانيّة أم لا ، لكن لا يمكن تفسير الإرادة الإلهية بهذه الوجوه.
أمّا الأوّل : فقد عرفت أنّ تفسير الإرادة باعتقاد النفع ملازم لإنكار الإرادة مطلقاً في الموجودات الإمكانية فضلاً عن الله سبحانه ، وذلك لأنّ ملجأها إلى العلم بالنفع مع أنّا نجد في أنفسنا شيئاً وراء العلم والاعتقاد بالنفع ، ومن فسر الإرادة بالاعتقاد بالنفع فقد أثبت العلم وأنكر الإرادة.
وأمّا الثاني : أعني : تفسير الإرادة بتخصيص القدرة بأحد المقدورين ، ففيه : انّه لا يناسب شأنه سبحانه ، لأنّ التخصيص أمر حادث فتعالى أن تكون ذاته مركزاً للحوادث إلاّ أن يرجع إلى تفسير الإرادة الفعلية به دون الذاتية ، فالإرادة في مقام الفعل هو ما جاء في هذا التفسير ، وعلى هذا تكون الإرادة من صفات الفعل دون صفات الذات فيلزم خلوها عن ذلك الكمال.