خلاف ما حكمنا به هو الصواب! وهيهات. (١)
ولأجل وجود هذا النقص الواضح حول النظرية حاول بعض روّاد الأشاعرة الذين قامت بهم خيمة هذا المنهج وأشادوا بنيانه ، ورفعوا قوائمه ، ان يُفسّر النظرية مزيجة بشيء من التطوير والإكمال حتّى يخرج عن عداد الأحوال لأبي هاشم أو الطفرة للنظام ، واذكر منهم الأقطاب الثلاثة :
١. أبو بكر محمد الطيب القاضي المعروف بابن الباقلاني (المتوفّى ٤٠٣ ه)
إنّ القاضي الباقلاني من أئمّة الأشاعرة ، فقد بذل وسعه في دعم المنهج الأشعري والذب عنه بحماس ولو لا القاضي وبعض أترابه ، كابن فورك الاصفهاني (المتوفّى ٤٠٦ ه) لما كان للمنهج الأشعري نصيب من السعة والشمول ، وقد اعتنقه ـ إلى يومنا هذا ـ عامّة أهل السنّة ـ غير أهل الحديث ـ.
وقد أضفى القاضي على نظرية الكسب مفهوماً جديداً ، صحّ أن يعبر عنه بالتطوير ، وقال ما هذا حاصله :
الدليل قد قام على أنّ القدرة الحادثة لا تصلح للإيجاد ، لكن ليست الأفعال أو وجوهها واعتباراتها تقتصر على وجهة الحدوث فقط ، بل هاهنا وجوه أُخرى هي وراء الحدوث.
ثمّ ذكر عدّة من الجهات والاعتبارات وقال : إنّ الإنسان يفرّق فرقاً ضرورياً بين قولنا : أوجد ، وبين قولنا : صلى وصام وقعد وقام. وكما لا يجوز أن تضاف إلى الباري تعالى جهة ما يضاف إلى العبد ، فكذلك لا يجوز أن تضاف إلى العبد ، جهة
__________________
(١) حكايات الشيخ المفيد برواية الشريف المرتضى لاحظ مجلة «تراثنا» العدد ٣ ، من السنة الرابعة ، ١١٨.