٣
النزاع في البداء لفظي
لم يزل النزاع بين الشيعة والسنّة في وصف الله سبحانه بالبداء قائماً على قدم وساق ، فالشيعة الإمامية تعتبر البداء من صميم الدين بحجّة انّه بمعنى تغيّر المصير بصالح الأعمال وطالحها ، وتنكره بمعنى الظهور بعد الخفاء كما سيوافيك ؛ والسنّة ترفض البداء بالمعنى المحال وهو ظهور الشيء بعد الخفاء ، وتكفّر القائل به لاستلزامه نسبة الجهل إلى الله سبحانه وتنسبه إلى الشيعة.
ومن الواضح انّ المقبول لدى الشيعة يغاير موضوعاً ومحمولاً مع ما هو المرفوض لدى السنّة ، فلا يرد مثل ذلك الإيجاب والسلب على مورد واحد ، حيث لا نجد بين الأُمّة الإسلامية من ينكر علم الله سبحانه وإحاطته بما في الأرض والسماء ، كما لا نجد فيهم من ينكر تغير المصير بصالح الأعمال.
فالفريقان يتنازعان ولكنّهما يتفقان في المعنى الإيجابي ، كما أنّهما يتّفقان في المعنى السلبي.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ المسألة لم تطرح في جوّ هادئ حتّى تقف كلّ طائفة على ما لدى الطائفة الأُخرى من المعنى لهذا الأصل. ونحن ندعو إلى عقد مؤتمر علمي لدراسة هذه المسألة بدقة لإزالة الشكّ والالتباس فيها وفي غيرها من المسائل المختلف فيها.