شر : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ). (١)
فالمصائب قدرت من حيث الخصوصيات وقضى عليها بالوجود ، في كتاب قبل أن يُخلق الكون وما فيه.
لكن الكلام في أنّ الإيمان بالقدر هل هو ركن من الأركان ، كما عليه أكثر أهل السنّة فيكون الإيمان به في جنب الإيمان بالله وكتبه ورسله ، ويوم ميعاده ، أو هو أصل ومعرفة قرآنية كسائر المعارف الواردة في الكتاب العزيز؟ والظاهر هو الثاني ، وأمّا الأوّل فلا دليل عليه ، إذ كون شيء معدوداً من المعارف القرآنية غير كونه ركناً من أركان الإيمان ، إذ رب معرفة وردت في القرآن ، وليست ركناً من الإيمان ، كالحياة البرزخية ، والشفاعة ، والتوبة ، ومع ذلك فليست من أركان الإيمان.
ولو كان ركناً من الأركان لجاءت الإشارة إليه في ثنايا الآيات المشيرة إلى أركان الإيمان كقوله سبحانه : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ). (٢)
وقال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ). (٣)
فقد جاء فيهما أركان الإيمان وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ولم ترد فيهما أية إشارة إلى الإيمان بالقدر ، فلو كانت له هذه المنزلة ، لما أهملها
__________________
(١) الحديد : ٢٢.
(٢) البقرة : ١٧٧.
(٣) البقرة : ٢٨٥.