الصحابة الكرام.
فهؤلاء هم طليعة الصحابة وسنام العرب من المهاجرين والأنصار ، قد استضاءوا بنور النبوّة والوحي واستقامت أُمورهم وكانوا على الصراط المستقيم في حياتهم ، وكم لهم من نظائر في صحابة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أعرضنا عن ذكرهم مخافة الإطناب.
٧. انّ أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ كانوا باستمرار يدعون للصحابة ويترضّون عليهم ، ومن المعلوم أنّهم ـ عليهمالسلام ـ يدعون للصالحين وما أكثر الصالحين فيهم يقول الإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في بعض خطبه مادحاً أصحاب النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ :
لقد رأيت أصحاب محمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فما أرى أحداً منكم يشبههم ، لقد كانوا يصبحون شُعثاً غبراً ، وقد باتوا سجّداً وقياماً ، يراوحون بين جباههم وخدودهم ، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم ، كأنّ بين أعينهم رُكَبَ المعزى من طول سجودهم ، إذا ذُكر الله هملت أعينهم حتّى تَبُلَّ جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف ، خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب». (١)
وقال أيضاً مادحاً أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه ، وقرءوا القرآن فأحكموه ، وهيجُوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها ، وسلبوا السيوف أغمادها ، وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً ، وَصَفّاً صفّاً ، بعضٌ هلك ، وبعض نجا ، لا يُبَشّرون بالأحياء ، ولا يُعَزَّونَ عن الموتى ، مُرْهُ العيون من البكاء ، خمصُ البطون من الصيام ، ذُبَّل الشفاه من الدعاء ، صُفرُ الألوان من السَّهَر ، على وجوههم غبرة الخاشعين ، أُولئك إخواني الذاهبون ، فحقّ
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٩٣ ، شرح محمد عبده ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٧ / ٧٧.