ظلم الظالمين وتعدّي الجائرين ، بالقضاء والقدر.
نعم صار ذلك سبباً بعد فترة من الزمن لظهور نظرية التفويض التي تدّعي تفويض الأُمور إلى العباد وانّه ليس لله سبحانه أيّ صنع في أفعالهم فجعلوا الإنسان خالقاً لأفعاله ، مستغنياً عن الله سبحانه في ايجاد أفعاله ، فصار الإنسان على حسب هذه النظرية كالإله في مجال الأفعال كما كان القضاء والقدر عند الجبريّين حاكماً على كلّ شيء ولا يمكن تغييره إلى صورة أُخرى من الصور ، فالطرفان يحيدان عن جادة التوحيد ويميلان إلى جانبي الإفراط والتفريط. وإليك نقد النظرية على وجه الإيجاز :
١. القول بالتفويض يلازم الشرك
إنّ القول بالتفويض يلازم الشرك الخفي ، أي الاعتقاد بوجود خالقين مستقلّين في الخلق والإيجاد : أحدهما العلّة العليا التي خلقت الموجودات والكائنات والإنسان ، والأُخرى الإنسان نفسه فإنّه يستقل بعد الخلقة في أفعاله وتنقطع حاجته إلى الله بعد وجوده وهو نفس تصوير المِثْل لله سبحانه.
٢. الإنسان في دوّامة الحدوث
إنّ الموجود الطبيعي في النظرة الأُولى له حدوث وبقاء ولكنّه في النظرة الدقيقة كلّه حدوث بعد حدوث ، لأنّ مقتضى الحركة الجوهرية هو كون العالم في تبدل مستمر وتجدّد دائم ، بأعراضها وجواهرها ، فذوات الأشياء في تجدد واندثار متواصل ، وما أشبه العالم بالصورة المنعكسة في الماء الجاري ، فهي ثابتة في النظرة الأُولى ، ولكنّها في النظرة الدقيقة متعددة متبدّلة حسب تبدّل الماء وقال سبحانه :