أُمّ المؤمنين بقولها : وما يمنعني ما بيني وبين عليّ أن أقول الحق ، سمعت النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يقول : «تفترق أُمّتي على فرقتين تمرق بينهما فرقة محلّقون رءوسهم ، مخفّون شواربهم ، أزرهم إلى أنصاف سوقهم ، يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يقتلهم أحبهم إليّ ، وأحبهم إلى الله» ، قال : يا أُمّ المؤمنين فأنت تعلمين هذا فلم كان الذي منك؟! قالت : يا قتادة وكان أمر الله قدراً مقدوراً ، وللقدر أسباب!!. (١)
التقدير المساوي للجبر عقيدة مستوردة
ومن العوامل التي صارت سبباً لتركيز فكرة الجبر بين المسلمين هي الأساطير التي حاكها الأحبار والرهبان ونشروها بين المسلمين حول القضاء والقدر ، فهذا هو حماد بن سلمة يروي عن أبي سنان قال : سمعنا وهب بن منبه ، قال : كنتُ أقول بالقدر حتّى قرأت بضعة وسبعين كتاباً مَنْ كتب الأنبياء في كلّها : من جعل لنفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر ، فتركتُ قولي. (٢)
والمراد من القدر في قوله : «كنت أقول بالقدر» ليس القول بتقدير الله سبحانه وقضائه ، بل المراد هو القول بالاختيار والمشيئة للعبد كما يظهر من ذيل كلامه.
وهذا النقل يعطي انّ القول بنفي الاختيار والمشيية للإنسان ، قد تسرّب إلى الأوساط الإسلامية عن طريق هذه الجماعة وعن الكتب الإسرائيلية أفيصحّ بعد هذا أن نعد القول بنفي المشيئة للإنسان عقيدة جاء بها القرآن والسنّة النبوية ، ونكفّر من قال بالمشيئة له ولو مشيئة ظلية تابعة لمشيئته سبحانه ، ونقاتل في سبيل هذه العقيدة؟!
__________________
(١) تاريخ بغداد : ١ / ١٦٠.
(٢) ميزان الاعتدال : ٤ / ٣٥٣.