محكومة عند الإنسان ، منفورة لديه لأجل الحالة الراسخة ، يصير الإنسان معصوماً تاماً منزهاً عن كل عيب وشين.
٢. العصمة : نتيجة العلم القطعي بعواقب المعاصي
العلم القطعي بعواقب المعاصي والآثام ، يصدّ الإنسان عن اقترافها وارتكابها ، والمراد من هذا العلم ، هو بلوغ الإنسان من حيث الكمال درجة يلمس في هذه النشأة لوازم الأعمال وآثارها في النشأة الأُخرى وتبعاتها فيها ، وهذا النوع من العلم القطعي يزيل الحجب بين الإنسان وآثار العمل ، وكأنّه سبحانه يريد أمثال هذا العلم من قوله : (كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ). (١)
فمن رأى درجات أهل الجنّة ودركات أهل النار يكون مصوناً من الخلاف والعصيان ، وأصحاب هذا العلم هم الدين يصفهم الإمام علي ـ عليهالسلام ـ بقوله : «فهم والجنّة كمن قد رآها فهم فيها منعّمون ، وهم والنار كمن قد رآها وهم فيها معذّبون». (٢)
فإذا ملك الإنسان هذا النوع من العلم وانكشف له الواقع كشفاً قطعياً ، فهو لا يحوم حول المعاصي بل لا يفكر حوله.
ولأجل تقريب الذهن إلى أنّ العلم بأثر العمل السيئ يصدّ الإنسان عن اقترانه واقترافه نأتي بمثال :
«إنّ الإنسان إذا وقف على أنّ في الأسلاك الكهربائية طاقة ، من شأنها قتل الإنسان إذا مسّها من دون حاجز أو عائق بحيث يكون المسّ والموت مقترنين ، أحجمت نفسه عن مس تلك الاسلاك والاقتراف منها دون عائق.
__________________
(١) التكاثر : ٥٦.
(٢) نهج البلاغة ، ٢ ، الخطبة ١٨٨ ، طبعة عبده.