٢. انتفاء فائدة المناهج التربوية
التربية عبارة عن توفير أرضية مناسبة لخروج ما هو بالقوة إلى منصّة الظهور والفعلية ، وهذا كالمزارع والفلاح القائمين بتربية البذور والنباتات فيوفّران ما يحتاجان إليه في إخراج الاستعداد المكنون فيهما إلى حيز الظهور والكمال ، فليس للمربّى دور الخلق والإيجاد ، بل تهيئة الظروف المناسبة لأن يُظهر الشيءُ كمالَه المستور لكي ينقلب البذر زرعاً والنبات شجراً.
وعلى ضوء ذلك فالمناهج التربوية في الإنسان ، شعارها رفع المستوى الفكري له وسوقه نحو الفضائل ومنعه من السقوط في هاوية الرذائل ، ومن المعلوم أنّ تحقّق هذه الغاية رهن وجود الحرية في الإنسان لكي يقع في إطار التربية ، فيسير حسب الضوء الذي يريه المربي ، فلو كان مسيّراً لا مخيّراً فإعمال الأساليب التربوية يُصبح أمراً لغواً غير مؤثر.
٣. تكذيب الكتاب العزيز
إنّ من سبر الكتاب العزيز وتجرد عن عامّة الرواسب يجد انّ القرآن يصوّر الإنسان فاعلاً مختاراً يخاطبه فينصحه تارة ، ويأمره أُخرى ، ويزجره ثالثاً ، ويعده رابعاً ويوعده خامساً ، إلى غير ذلك من علائم الاختيار وآثاره ، ونذكر منها ما يلي :
١. قوله سبحانه : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً).
٢. قوله سبحانه : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً). (١)
__________________
(١) الكهف : ٢٩.