١
الجبر على مسرح التاريخ الإسلامي
إنّ التأمّل في عقائد العرب في الجاهلية يُثبت بأنّهم أو طائفة منهم كانوا معتقدين بالتقدير السالب للاختيار عن الإنسان ، يقول سبحانه : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ). (١)
وليست الآية ، آية وحيدة تكشف عن عقيدة العرب في العصر الجاهلي حول فعل الإنسان ، بل هناك آية أو آيات أُخرى تشير إلى عقيدتهم ، يقول سبحانه : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (٢)
فقولهم : (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) إشارة إلى أنّ عبادة الوثن أمر قدّره الله سبحانه وليس لنا الفرار ممّا قُضي به ، والله سبحانه يردّ على مزعمتهم بقوله : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ، فلا يأمر بها ولا يقدِّرها بالمعنى
__________________
(١) الأنعام : ١٤٨.
(٢) الأعراف : ٢٨.