الحبال في سفري ، فلابلاغ اليوم إلاّ بالله ، ثمّ بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلّغ بها في سفري ؛ فقال : قد كنت أعمى فرد الله بصري ، وفقيراً فقد أغناني ، فخذ ما شئت ، فو الله لا أجحدك اليوم بشيء أخذته لله ، فقال : أمسك مالك فإنّما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك. (١)
هذا هو كلام الرسول الأعظم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقد استعمل لفظ البداء في حقّه سبحانه ، ومن الطبيعي انّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لم يستعمل هذا اللفظ في معناه اللغوي لاستلزامه ـ والعياذ بالله ـ الجهل على الله سبحانه ، بل استعمله في معنى آخر لمناسبة بينه وبين المعنى اللغوي.
وكم له من نظير في الكتاب والسنّة ، وقد اشتهر انّ كلام البلغاء مشحون بالمجاز.
إنّ البراهين العقلية الرصينة والآيات الباهرة القرآنية قد أسفرت عن إحاطة علمه سبحانه بكلّ شيء في الأرض والسماء وما مضى وما يأتي على نحو لا يتصوّر في مثله الظهور بعد الخفاء ، ولنتبرك بذكر بعض الآيات وترك ذكر البراهين العقلية إلى محلها. قال عزّ من قائل :
(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ). (٢)
(وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ). (٣)
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ). (٤)
__________________
(١) البخاري : الصحيح ٤ / ١٧٢ ، كتاب الأنبياء ، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل.
(٢) آل عمران : ٥.
(٣) إبراهيم : ٣٨.
(٤) الحديد : ٢٢.