له هذا المُقامُ يكونُ حقا |
|
كَذاكَ رواه ليثٌ عن مُجَاهِد(١) |
أهكذا يتعامل مع إمام كبير وفقيه عظيم ، ومحدّث بصير مثل الطبري ولا ذنب له إلاّ أنّه إمام مفكّر ، لا يؤمن بأساطير اليهود ، وإن تلقّاها «مجاهد» ونظراؤه حقيقة راهنة؟!
ومن العوامل التي فسحت المجال للأحبار والرهبان لنشر ما في العهدين بين المسلمين ، حظر تدوين حديث الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ونشره ونقله والتحدّث به أكثر من مائة سنة ، فأوجد الفراغ الذي خلفه هذا العمل ، أرضية مناسبة لظهور بدع يهودية ونصرانية وسخافات مسيحية وأساطير يهودية خصوصاً من قبل كهنة اليهود ورهبان النصارى.
يقول الشهرستاني : وضع كثير من اليهود الذين اعتنقوا الإسلام أحاديث متعدّدة في مسائل التجسيم والتشبيه ، وكلّها مستمدة من التوراة. (٢)
قال ابن خلدون : إنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنّما غلبت عليهم البداوة والأُمّية ، وإذا تشوّقوا إلى معرفة شيء ممّا تتوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكوّنات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنّما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ، ويستفيدونه منهم وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم
__________________
(١) قال الطبري في التفسير : حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال : حدثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله : عسى الخ قال : يجلسه معه على عرشه. لاحظ مقدمة اختلاف الفقهاء للطبري : ١١.
(٢) الملل والنحل : ١ / ١١٧.