ويرد على ما ذكروه انّ العزم والإرادة والاختيار من الأُمور الوجودية الممكنة فمن خالقها أهو الله سبحانه ، أم العبد؟ وعلى الأوّل يلزم الجبر وعلى الثاني ينتقص القاعدة ، أعني : التوحيد في الخالقية.
ثمّ إنّ نظرية الكسب بلغت من الإبهام إلى حد أنّ القمة من مشايخ الأشاعرة كالتفتازاني يعترف بعجزه عن تفسيرها حيث قال : «وإن لم نقدر على أزيد من ذلك في تلخيص العبارة المفصحة ...».
إلى هنا تمت المرحلة الأُولى من المراحل (١) التي مرّت على نظرية الكسب ، وهنا من سلك مسلك العلمين : الغزالي والتفتازاني في تفسير النظرية ، أعرضنا عن نقله روماً للاختصار ، وحان وقت الانتقال إلى المرحلة الثانية ، أعني : مرحلة التطوير والتكامل.
__________________
(١) ولا يفوتنّك انّ هذه المراحل الثلاث لم تتكون حسب التسلسل الزمني بل تكوّنت عبر قرون لا تأبى أن تكون بعضها في عرض الآخر.