صيرورته قادرا على إخراجه في وجوب الزكاة ، بل يعتبر فيه فعليّة الإخراج ، وربّما يستشعر من هذه العبارة ورودها في مثل المال المدفون الّذي نسي موضعه ، أو الدين وشبهه ، ممّا يصلح أن يطلق عليه عند استيفائه لفظ (الإخراج) فليتأمّل.
وكيف كان ، فلا ظهور لما في ذيلها من قوله ـ عليهالسلام ـ : «وإن كان يدعه متعمّدا وهو يقدر على أخذه ..» إلى آخره ، فيما ينافي ذلك.
أمّا إن كان المراد به الدين ـ كما حمله عليه بعض في ظاهر كلامه (١) فهو أجنبي عمّا نحن فيه ، وسيأتي الكلام فيه.
وإن كان المراد به العين ، فكذلك ، لأنّه بمنزلة التصريح بمفهوم القيد المذكور في الصدر ، فمحصّل مفاده : أنّه إن كان المال الغائب لم يكن خارجا عن تحت اختياره ، بل كان بحيث مهما أراد أن يأخذه أخذه ، كالمال المستودع ، والمذخور تحت الأرض ، وغير ذلك من الموارد التي لم تؤثّر غيبته في الخروج عن تحت سلطنته الفعلية عرفا ، وهذا النحو من الغيبة غير مانع عن تعلّق الزكاة جزما ، وإنّما الكلام في الغيبة الموجبة لقطع سلطنته ، والخروج عن تحت تصرّفه بالفعل عرفا ، كما في ميراث الغائب والمسروق والمغصوب ونحوها ممّا هو خارج بالفعل عن تحت تصرّفه ، ولكنّه قادر على إثبات اليد عليه باستنقاذه من الغاصب ، أو الحضور في بلده والاستيلاء على أمواله التي ورثها من قريبه في حال غيبته ، والروايات المزبورة دلّت بظاهرها على عدم تعلّق الزكاة بهذه الأموال ، وعدم دخولها في الحول حتى يصل إليها ، ولا ينافي ذلك تعلّقها بالقسم الأوّل الذي لم ينقطع عنه سلطنته بغيبته.
__________________
(١) هو صاحب الحدائق فيها ١٢ : ٣٤.