بها ـ بالغة ما بلغت ـ على التقيّة ، حيث إنّ التقيّة بدفع زكاة الغلّات إلى عامل الصدقات من قبل الجائر ، وإظهار الموافقة لهم في ذلك الزمان كانت واجبة على الشيعة. فكان على الإمام ـ عليهالسلام ـ الأمر بإخراجها حقنا لدمائهم ، كأمر علي بن يقطين بالوضوء على وفق مذهب العامّة (١) حقنا لدمه.
وهذا بخلاف زكاة مال التجارة التي لا يعلم بتحقّق شرائطها غالبا إلّا مالكه ، فلا مقتضي لإيجاب دفعها عليهم تقيّة ، حيث إنّ للمالك المندوحة عن دفعها بإنكار اجتماع شرائطها ، ولا للإفتاء بوجوبها تقيّة ما لم يكن مسبوقا بسؤال ، خصوصا مع أنّ الغالب كون السائل مثل محمّد ابن مسلم وزرارة وأبي بصير ممّن لم يكن الإمام ـ عليهالسلام ـ يعطيهم من جراب النورة ، والله العالم.
(و) كذا يستحبّ الزكاة (في الخيل الإناث) كما في المتن وغيره (٢) ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه (٣).
ويدلّ عليه صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم عنهما ـ عليهماالسلام ـ قالا : «وضع أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين ، وجعل على البراذين دينارا» (٤).
والخيل العتيق ـ على ما صرّح به في الحدائق (٥) ـ كريم الأصل ، وهو
__________________
(١) الإرشاد ـ للشيخ المفيد ـ : ٢٧٥ ، والوسائل ، الباب ٣٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٣.
(٢) شرائع الإسلام ١ : ١٤٢ ، المعتبر ٢ : ٤٩٥.
(٣) كما في الخلاف ٢ : ٥٤ ، المسألة ٦٣ ، والغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٥٠٧ ، ومدارك الأحكام ٥ : ٥١.
(٤) الكافي ٣ : ١٥٣٠ / ١ ، التهذيب ٤ : ٦٧ / ١٨٣ ، الإستبصار ٢ : ١٢ / ٣٤ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ١.
(٥) الحدائق الناضرة ١٢ : ١٥٢.