وأمّا الاستدلال عليه بما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان ـ كما في المدارك (١) وغيره (٢) ـ فإنّما يتّجه لو قلنا باختصاص المنع في السفر إلى غاية محرّمة بما لو دفعه إليه في ذهابه ، لا في إيابه الذي بنفسه ليس بحرام ، مع أنّ مقتضى إطلاق النصّ وفتاوى الأصحاب : عدم جواز الدفع في الإياب أيضا إذا عد عرفا من تتمّة سفره الذي قصد به الغاية المحرّمة ، مع أنّه ليس فيه إعانة على الإثم والعدوان.
اللهمّ إلّا أن يقال : بأنّ فيه أيضا تشييدا للظالم ، وتقريرا له على ظلمه وفسقه ، وهو مناف لما بني عليه شرع الزكاة من كونها عونا للفقراء والمساكين دون الظلمة وقطّاع الطريق ونظرائهم ممّن يسعون في الأرض للفساد ، فلا ينصرف إليهم إطلاقات أدلتها ، وهو لا يخلو من وجه ، فليتأمّل.
وكيف كان ، فلو استقلّ رجوعه بالملاحظة عرفا ، كما لو ارتدع عن قصده في أثناء الطريق ، فرجع أو ندم على عمله وتاب ، جاز الدفع إليه حينئذ ، لعدم كونه بالعفل متلبّسا بسفر المعصية عرفا ، ولا يشترط التلبّس بالضرب ، فلو تاب ورجع عن قصد المعصية إلى الطاعة ، جاز الدفع إليه ولو لم يضرب في الأرض بعد توبته ، إذ المدارك في صدق كونه ابن سبيل على كونه نائيا عن أهله وماله ، محتاجا في الوصول إليهما إلى مئونة ، سواء كان بالفعل متلبّسا بقطع المسافة أم لم يكن ، كما هو واضح.
(ويدفع إليه) من الزكاة إذا كان غنيا في بلده (قدر الكفاية) اللائقة بحاله (إلى بلده) بعد قضاء الوطر من سفره ، أو يصل إلى مكان
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ٢٣٦.
(٢) جواهر الكلام ١٥ : ٣٧٦.