نارا يوم القيامة بأن يخلق الله نارا يأكلونها في بطونهم (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (١٠) أي سيدخلون نارا وقودا لا يعرف غاية شدتها إلّا الله تعالى.
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وسيصلون بضم الياء. والباقون بالفتح. وقرئ شاذة بضم الياء وتشديد اللام. نزلت هذه الآية في شأن حنظلة بن شمردل. وقيل في شأن رجل من غطفان يقال له : مرثد بن زيد : ولي مال يتيم ـ وكان اليتيم ابن أخيه ـ فأكله. (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) أي يبين الله لكم في ميراث أولادكم بعد موتكم.
روى عطاء قال : استشهد سعد بن الربيع وترك ابنتين ، وامرأة وأخا. فأخذ الأخ المال كله فأتت المرأة وقالت : يا رسول الله هاتان ابنتا سعد وإن سعدا قتل وإن عمهما أخذ مالهما فقال صلىاللهعليهوسلم : «ارجعي فلعل الله سيقضي فيه» ثم إنها عادت بعد مدة وبكت فنزلت هذه الآية فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمهما وقال : «أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك» (١) فهذا أول ميراث قسم في الإسلام (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أي فإذا خلف الميت ذكرا واحدا وأنثى واحدة فللذكر سهمان وللأنثى سهم ، وإذا كان الوارث جماعة من الذكور وجماعة من الإناث كان لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم ، وإذا كان مع الأولاد أبوان وأحد الزوجين فالباقي بعد سهام الأبوين وأحد الزوجين بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) أي فإن كانت بنات الصلب نساء خلصا بنتين أو أكثر فلتلك النساء ثلثا ما ترك المتوفى (وَإِنْ كانَتْ) أي الوارثة بنتا (واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ). وقرأ نافع واحدة بالرفع فكان تامة (وَلِأَبَوَيْهِ) أي الميت (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ) أي الميت (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) ذكر أو أنثى ، أي فإن كان مع الأبوين ولد ذكر فأكثر أو بنتان فأكثر فلكل واحد من الأب والأم السدس وإن كان معها بنت فلها النصف وللأم السدس وللأب السدس بحكم هذه الآية. والسدس الباقي للأب أيضا بحكم التعصيب (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أي الميت (وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ). وذلك فرض لها والباقي للأب فيأخذ السدس بالفريضة والنصف بالتعصيب ، وإذا انفرد أخذ كل المال كما هو شأن العصبة. وإذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين فللأم ثلث ما يبقى بعد فرضه ، والباقي للأب خلافا لابن عباس فإن للأم ثلث الكل عنده ، ووافقه ابن سيرين في الزوجة وخالفه في الزوج لأن الثلث فيه يفضي إلى كون نصيب الأنثى مثل نصيب الذكرين (فَإِنْ كانَ لَهُ) أي الميت (إِخْوَةٌ) اثنان فصاعدا من جهة الأبوين أو من جهة أحدهما ذكور أو إناث وارثون أو محجوبون بالأب (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ). والباقي للأب ولا شيء للأخوة ، وأما السدس الذي حجبوها عنه فهو للأب عند
__________________
(١) رواه التبريزي في مشكاة المصابيح (٣٠٥٨).