حمزة بن عبد المطلب ورأى ما فعلوا به من المثلة وقال : «لأمثلهن منهم بثلاثين» فنزلت هذه الآية ومات في ذلك اليوم من المسلمين سبعون ، وأسر عشرون ومات من الكفار ستة عشر.
وروي عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت بسبب أنه صلىاللهعليهوسلم أراد أن يلعن المسلمين الذين خالفوا أمره والذين انهزموا يوم أحد فمنعه الله من ذلك ، وإنما نصّ الله تعالى على المنع تقوية لعصمته (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) وهذان إما معطوفان على الأمر. والمعنى ليس لك يا أشرف الخلق من شأن هذه الحادثة شيء ومن التوبة عليهم أو من تعذيبهم شيء ، لأنه ليس لك من مصالح عبادي شيء إلا ما أوحي إليك وليس لك من سؤال إهلاكهم شيء لأنه تعالى أعلم بالمصالح ، فربما تاب الله عليهم أو معطوفان على «شيء» أي ليس لك من أمرهم شيء أو التوبة عليهم أو تعذيبهم.
وقيل : المراد بالأمر ضد النهي. والمعنى ليس لك من أمر خلقي شيء ، أو من توبتهم أو من تعذيبهم شيء إلا إذا كان على وفق أمري. والمقصود من الآية منعه صلىاللهعليهوسلم من كل فعل وقول إلا ما كان بإذنه وأمره وهذا هو الإرشاد إلى أكمل درجات العبودية (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) (١٢٨) أي بالمعاصي وهذه جملة مستقلة لكن المقصود من ذكرها تعليل لحسن التعذيب. والمعنى (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) فإنه تعالى إن عذبهم إنما يعذبهم لأنهم ظالمون. والمراد بالعذاب إما عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة. فعلم ذلك مفوّض إلى الله (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وخلقا (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) مغفرته (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تعذيبه وتقديم المغفرة على التعذيب للإعلام بأن رحمته تعالى سبقت غضبه وبأن الرحمة من مقتضيات الذات دون الغضب فإنه من مقتضيات سيئات العصاة (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢٩) والمغفرة والرحمة على سبيل الإحسان ، أما التعذيب فعلى سبيل العدل لأن الطاعة لا توجب الثواب ، والمعصية لا توجب العقاب بل الكل من الله بحكم إلهيته وقهره وإرادته. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً) على الدرهم (مُضاعَفَةً) في الأجل وكان الرجل في الجاهلية إذا كان له على إنسان مائة درهم إلى أجل فإذا جاء الأجل ولم يكن المديون واجدا لذلك المال ، قال : زد في المال حتى أزيد في الأجل فربما جعله مائتين ، ثم إذا حلّ الأجل الثاني فعل مثل ذلك ، ثم إلى آجال كثيرة فيأخذ بسبب تلك المائة أضعافها. فهذا هو المراد من قوله : (أَضْعافاً مُضاعَفَةً).
وقرأ ابن كثير وابن عامر بتشديد العين بلا ألف قبلها.
وقال القفال : يحتمل أن تكون هذه الآية متصلة بما تقدم من جهة أن المشركين إنما أنفقوا على تلك العساكر أموالا جمعوها بسبب الربا. فلعل ذلك يصير داعيا للمسلمين إلى الإقدام على الربا حتى يجمعوا المال ، وينفقوه على العسكر فيتمكنوا من الانتقام منهم فحقا نهاهم الله عن ذلك. (وَاتَّقُوا اللهَ) فيما نهيتم عنه من أخذ الربا وغيره (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٣٠) أي لكي تنجوا من