الصَّلاةِ) أي أتوا إلى الصلاة مع المؤمنين (قامُوا كُسالى) أي متثاقلين متباطئين لأنهم لا يرجعون بها ثوابا ولا يخافون من تركها عقابا (يُراؤُنَ النَّاسَ) ليحسبوهم مؤمنين فإنهم لا يقومون إليها إلّا لأجل الرياء والسمعة لا لأجل الدين (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٤٢) أي لا يصلون إلا بمرأى من الناس ، وإذا لم يكن معهم أحد لم يصلوا ولا يذكرون الله إلا باللسان فقط (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) أي مترددين بين كفر السر وإيمان العلانية (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) أي ليسوا مع المؤمنين في السر فيجب لهم ما يجب للمؤمنين ، وليسوا مع اليهود في العلانية فيجب عليهم ما يجب على اليهود (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (١٤٣) موصلا إلى الصواب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالسر والعلانية (لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ) أي المجاهرين بالكفر (أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) المخلصين (أَتُرِيدُونَ) يا معشر المؤمنين الخلص (أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) (١٤٤) أي أتريدون بذلك أن تجعلوا لأهل دين الله ـ وهم الرسول وأمته ـ حجة بينة على كونكم منافقين؟ فإن موالاتهم أوضح أدلة النفاق. وقيل : المعنى يا أيها الذين آمنوا بالعلانية ـ عبد الله بن أبي وأصحابه ـ لا تتخذوا اليهود أولياء في التعذر من دون المخلصين أتريدون يا معشر المنافقين أن تجعلوا لرسول الله عليكم عذرا بينا بالقتل؟ أو المعنى أتريدون أن تجعلوا الله عليكم في عقابكم حجة بسبب موالاتكم لليهود (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) وهو الطبقة التي في قعر جهنم لأنهم أخبث الكفرة حيث ضموا إلى الكفر الاستهزاء بالإسلام وأهله وخداعهم ، ولأنهم لما أظهروا الإسلام يمكنهم الاطلاع على أسرار المسلمين ، ثم يخبرون الكفار بذلك ، فكانت المحنة تتضاعف من هؤلاء المنافقين لهذه الأسباب جعل الله عذابهم أزيد من عذاب الكفار الخلص (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ) أي المنافقين (نَصِيراً) (١٤٥) يخلصهم من عذاب الله ، ثم استثنى الله من الضمير المجرور أو من الضمير المستكن في خبر إن بقوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) عن النفاق والقبيح (وَأَصْلَحُوا) أي أقدموا على الحسن (وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ) بأن يكون غرضهم من التوبة وإصلاح الأعمال طلب مرضاة الله تعالى لا طلب مصلحة الوقت (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) بأن يكون ذلك الغرض خالصا لا يمتزج به غرض آخر (فَأُولئِكَ) المتصفون بهذه الشروط الأربعة من المنافقين (مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) أي المخلصين الذين لم يصدر عنهم نفاق أصلا منذ آمنوا أي معهم في الدرجات العالية من الجنة (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ) أي يعطي الله الخلص (أَجْراً عَظِيماً) (١٤٦) أي ثوابا وافرا في الجنة (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) فـ «ما» استفهامية مفيدة للنفي. أي أيعذبكم الله لأجل التشفي من الغيظ أم لطلب النفع أم لدفع الضرر كما هو شأن الملوك؟ وكل ذلك محال في حقه تعالى : وإنما التعذيب أمر يقتضيه كفركم فإذا زال ذلك بالإيمان والشكر انتفى التعذيب وتقديم الشكر على الإيمان لأن الإنسان إذا نظر في نفسه رأى النعمة العظيمة حاصلة في تخليقها وترتيبها فيشكر شكرا مجملا ، ثم إذا تمم النظر في معرفة