لِيَشْتَرُوا بِهِ) أي ليأخذوا لأنفسهم بمقابلة الكتاب المحرف (ثَمَناً قَلِيلاً) أي عوضا يسيرا من الدنيا ـ وهم اليهود ـ غيّروا صفة النبي في التوراة وآية الرجم وغيرها ... فغيروا آية الرجم بالجلد والتحميم أي تسويد الوجه (فَوَيْلٌ لَهُمْ) أي فشدة العذاب لهم (مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) أي فيما غيرت أيديهم (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (٧٩) أي يصيبون من الحرام والرشوة (وَقالُوا) أي اليهود (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) أي قليلة. قال مجاهد : إن اليهود كانت تقول : عمر الدنيا سبعة آلاف سنة فالله تعالى يعذبهم مكان ألف سنة يوما فكانوا يقولون : الله تعالى يعذبنا سبعة أيام. وحكى الأصمعي عن بعض اليهود أنهم عبدوا العجل سبعة أيام فكانوا يقولون : الله تعالى يعذبنا سبعة أيام. وذلك كما أخرجه الطبراني وغيره بسند حسن عن ابن عباس وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير من طرق ضعيفة عنه أنها أربعون يوما (قُلْ) لهم يا أشرف الخلق (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) أي خبرا فإن خبره تعالى أوكد من العهود المؤكدة منا بالقسم والنذر (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) أي فإن الله تعالى منزّه عن الكذب في وعده ووعيده لأن الكذب صفة نقص والنقص على الله محال (أَمْ تَقُولُونَ) مفترين (عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨٠) وقوعه أي أم لم تتخذوا من الله عهدا بل تتقوّلون عليه تعالى (بَلى) تمسكم النار أبدا (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) أي كفرا (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) أي كبيرته بأن مات على الكفر (فَأُولئِكَ) أي أهل هذه الصفة (أَصْحابُ النَّارِ) أي ملازموها في الآخرة (هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨١) أي لا يخرجون منها. أما أصحاب الكبائر غير الكافرين فإنا نقطع بأنه تعالى يعفو عن بعض العصاة وعن بعض المعاصي ، ولكنا نتوقف في حق كل أحد على التعيين أنه هل يعفو عنه أم لا؟ ونقطع بأنه تعالى إذا عذّب أحدا منهم مدة فإنه لا يعذبه أبدا بل يقطع عذابه ، وهذا قول أكثر الصحابة والتابعين وأهل السنة والجماعة.
وقرأ نافع «خطيئاته» بالجمع ، والمراد بالخطيات أنواع الكفر المتجددة في كل وقت (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فيما بينهم وبين ربهم (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨٢) لا يموتون فيها ولا يخرجون منها (وَإِذْ أَخَذْنا) في التوراة (مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) الذين كانوا في زمن موسى (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) أي لا تشركون به شيئا.
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء على الغيبة ، وقرأ عبد الله وأبيّ «لا تعبدوا» بصريح النهي وهذه قراءة شاذة. (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) وهو متعلق بمحذوف أي وتحسنون أو أحسنوا بالبر بهما وإن كانا كافرين بأن لا يؤذيهما ألبتة ، ويوصل إليهما من المنافع قدر ما يحتاجان إليه فيدخل فيه دعوتهما إلى الإيمان إن كانا كافرين ، وأمرهما بالمعروف على سبيل الرفق إن كانا فاسقين (وَذِي الْقُرْبى) أي أحسنوا بالأقارب بصلة الرحم (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً).