سورة الأنفال
مدنية ، غير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فإنها نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال ، خمس وسبعون آية ، ألف ومائتان وثلاث وأربعون كلمة ، خمسة آلاف وثلاثمائة وثمانية وثمانون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) أي يسألك يا أشرف الخلق أصحابك منهم : سعد بن أبي وقاص أو قرابتك عن الغنائم يوم بدر وسميت الغنائم أنفالا ، لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم الذين لم تحل لهم الغنائم ، ولأنها عطية من الله تعالى زائدة على الثواب الأخروي للجهاد. (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي قل يا أشرف الخلق حكم الأنفال يوم بدر مختص به تعالى يقسمها الرسول صلىاللهعليهوسلم كيف أمر به من غير أن يدخل فيه رأي أحد (فَاتَّقُوا اللهَ) في أخذ الغنائم واتركوا المنازعة فيها (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي أصلحوا الحال فيما بينكم بترك النزاع وتسليم أمر الغنائم إلى الله ورسوله (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في أمر الصلح وارضوا بما حكم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١) فالإيمان لا يتم حصوله إلا بالتزام هذه الطاعة فاحذروا الخروج عنها (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) أي إنما الكاملون في الإيمان الذين فزعت قلوبهم لمجرد ذكر الله من غير أن يذكر هناك ما يوجب الفزع من صفاته وأفعاله استعظاما له تعالى.
وقال أصحاب الحقائق : الخوف على قسمين : خوف العقاب ، وخوف العظمة والجلال. أما خوف العقاب : فهو للعصاة. وأما خوف الجلال والعظمة : فهو لا يزول عن قلب أحد من المحققين سواء كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا وكل من كان أعرف بجلال الله كان هذا الخوف في قلبه أكمل ، (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ) أي الله التي هي القرآن (زادَتْهُمْ إِيماناً) أي يقينا بقول الله (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٢) أي ويعتمدون بالكلية على فضل الله وينقطعون بالكلية عما سوى الله (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) أي يتمون الصلوات الخمس بحقوقها (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣) أي ويؤدون زكاة أموالهم (أُولئِكَ) أي الموصوفون بالصفات الخمس (هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) أي