لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) أي والذين يقربون من الوفاة من رجالكم ويتركون أزواجا ، عليهم أن يوصوا وصية لزوجاتهم في أموالهم بثلاثة أشياء : النفقة ، والكسوة ، والسكنى ، إلى تمام الحول من موتهم غير مخرجات من مسكنهن.
وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم «وصية» بالرفع أي عليهم وصية. أو المعنى والذين يقبضون من رجالكم ويتركون أزواجا بعد الموت وصية من الله لأزواجهم فـ «وصية» مبتدأ و «لأزواجهم» خبر أي أمره وتكليفه لهن (فَإِنْ خَرَجْنَ) عن منزل الأزواج باختيارهن قبل الحول (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) يا أولياء الميت (فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) أي غير منكر في الشرع. أي فلا جناح على ورثة الميت في قطع النفقة والكسوة عنهن إذا خرجن من بيت زوجهن بما فعلن في أنفسهن من معروف من التزين ومن الإقدام على النكاح. أو المعنى لا جناح عليكم في ترك منعهن من الخروج ، لأن مقامها حولا في بيت زوجها ليس بواجب عليها في الذي فعلن في أنفسهن من معروف من تزين وتشوف للتزويج (وَاللهُ عَزِيزٌ) أي غالب على أمره يعاقب من خالفه (حَكِيمٌ) (٢٤٠) يراعي في أحكامه مصالح عباده واختيار جمهور من المفسرين أن هذه الآية منسوخة ، قالوا : كان الحكم في ابتداء الإسلام أنه إذا مات الرجل لم يكن لامرأته من ميراثه شيء إلا النفقة والسكنى سنة ، ولكنها كانت مخيرة بين أن تعتد في بيت الزوج وأن تخرج منه قبل الحول ، لكن متى خرجت نفقتها فهذه الوصية صارت مفسرة بالنفقة والكسوة والسكنى إلى الحول ، فثبت أن هذه الآية توجب أمرين : النفقة والسكنى من مال الزوج سنة والاعتداد سنة ، لأن وجوب السكنى والنفقة من مال الميت سنّة توجب المنع من التزويج بزوج آخر في هذه السنة ، ثم إن الله تعالى نسخ هذين الحكمين وقد دل القرآن على ثبوت الميراث لها بتعيين الرابع أو الثمن ، ودلت السنّة على أنه «لا وصية لوارث» فصار مجموع القرآن والسنّة ناسخا للوصية للزوجة بالنفقة والسكنى في الحول ، ووجوب العدة في الحول منسوخ بقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة : ٢٣٤]. (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ) أي متعة (بِالْمَعْرُوفِ) أي بقدر حال الزوجين وما يليق بهما (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢٤١) قال الشافعي رحمهالله : لكل مطلقة متعة ، إلا المطلقة التي فرض لها مهر ولم يوجد في حقها المسيس. روي أنه لما نزل قوله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَ) إلى قوله تعالى : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) قال رجل من المسلمين : إن أردت فعلت ، وإن لم أرد لم أفعل. فقال تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) أي على كل من كان متقيا عن الكفر (كَذلِكَ) أي مثل ذلك البيان الواضح (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) هذا وعد من الله تعالى بأنه سيبين لعباده من الأحكام ما يحتاجون إليه معاشا ومعادا (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢٤٢) أي لكي تفهموا ما فيها وتعلموا بموجبها ثم ذكر خبر غزاة بني إسرائيل فقال : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ