الوجوه ، وإعطاء الصحف بأيمانهم وما يقرءون منها ومن غير ذلك من البشارات (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) أي لا خلف في أقواله (ذلِكَ) أي حصول البشرى لهم في الدارين (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦٤) الذي لا فوز وراءه (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) أي لا تحزن بما يتفوهون به في شأنك مما لا خير فيه ، ولا تبال بتكذيبهم وتشاورهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك.
وقرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) أي إن القوة لله جميعا فهو يعصمك منهم وينصرك عليهم حتى تكون أقوى منهم (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦٥) أي يسمع ما يقولون في حقك ويعلم ما يعزمون عليه وهو مكافؤهم بذلك (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) من الملائكة والثقلين ، وإذا كان هؤلاء في ملكه تعالى فالجمادات أحق أن لا تكون شركاء له تعالى (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ) أي وما يتبع الذين يعبدون من دون الله آلهة شركاء فـ «آلهة» مفعول «يدعون» و «شركاء» مفعول «يتبع» (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي إن المشركين ما اتبعوا شريك الله تعالى إنما اتبعوا شيئا ظنوه شريكا لله تعالى (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (٦٦) أي ما هم إلا يكذبون فيما ينسبونه إليه تعالى ويقدرون أن معبوداتهم شركاء تقديرا باطلا (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي هو الذي صيّر لكم الليل لتستريحوا فيه من تعب النهار والنهار مضيئا لتهتدوا به في حوائجكم بالإبصار ولتتحركوا فيه لمعاشكم (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي الجعل (لَآياتٍ) أي لعبرات (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٧) مواعظ القرآن فيعلمون بذلك أن الذي خلق هذه الأشياء كلها هو الله المنفرد بالوحدانية في الوجود (قالُوا) أي كفار مكة : (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) أي الملائكة بنات الله (سُبْحانَهُ) قال تعالى ذلك تنزيها لنفسه عما نسبوه إليه وتعجيبا من كلمتهم الحمقاء (هُوَ الْغَنِيُ) عن كل شيء في كل شيء (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من ناطق وصامت ملكا وخلقا (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا) أي ما عندكم حجة بهذا القول الباطل (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٦٨) أي أتنسبون إليه تعالى ما لا يجوز نسبته إليه تعالى جهلا منكم (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (٦٩) أي لا يصلون إلى مقاصدهم وكل من قال في ذات الله تعالى وصفاته قولا بغير علم ، وبغير حجة بينة كان داخلا في هذا الوعيد (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠) أي حياتهم متاع قليل في الدنيا ، ثم لا بد من الموت وعند الموت لا بد من الرجوع إلى الله ، وعند هذا الرجوع لا بد وأن يذيقهم الله العذاب الشديد بسبب كونهم كافرين فأين هم من الفلاح؟ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) أي المشركين (نَبَأَ نُوحٍ) أي خبره مع قومه الذين هم أشباه قومك في العناد ليصير داعيا إلى مفارقة الإنكار للتوحيد والنبوة (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) وهم بنو قابيل (يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ) أي ثقل (عَلَيْكُمْ مَقامِي) أي مكثي فيكم مدة طويلة (وَتَذْكِيرِي) أي وعظي إياكم (بِآياتِ اللهِ) أي بحجته (فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ) أي فوضت أمري