والسدانة. فنزلت هذه الآية ، فأمر عليا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعلي : أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق؟ فقال : لقد أنزل الله تعالى في شأنك قرآنا. وقرأ عليه الآية. فقال عثمان : أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله فهبط جبريل عليهالسلام وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن السدانة في أولاد عثمان أبدا ثم إن عثمان هاجر ودفع المفتاح إلى أخيه شيبة فهو في ولده إلى اليوم (وَ) إن الله يأمركم (إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وعن أنس عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت : صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت» (١). (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) أي إن الله نعم شيء يعظكم به ذاك وهو المأمور به من أداء الأمانات والحكم بالعدل (إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً) لكل المسموعات يسمع ذلك الحكم إذا حكمتم بالعدل (بَصِيراً) (٥٨) لكل المبصرات يبصركم إذا أديتم الأمانة فيجازيكم على ما يصدر منكم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهذه الآية مشتملة على أصول الشريعة الأربع : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس. فالكتاب : يدل على أمر الله ، ثم نعلم منه أمر الرسول لا محالة. والسنة : تدل على أمر الرسول ، ثم نعلم منه أمر الله لا محالة. فثبت أن قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) يدل على وجوب متابعة الكتاب والسنة. والمراد بأولي الأمر جميع العلماء من أهل العقد والحل ، وأمراء الحق وولاة العدل. وأما أمراء الجور فبمعزل من استحقاق وجوب الطاعة لهم.
قال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في حق عبد الله بن حذافة السهمي إذ بعثه النبيّ صلىاللهعليهوسلم أميرا على سرية. وعن ابن عباس أنها نزلت في شأن خالد بن الوليد بعثه النبيّ صلىاللهعليهوسلم أميرا على سرية وفيها عمار بن ياسر ، فجرى بينهما اختلاف في شيء ، فنزلت هذه الآية ، وأمر بطاعة أولي الأمر فحينئذ فالمراد بهم أمراء السرايا قال بعضهم : طاعة الله ورسوله واجبة قطعا ، وطاعة أهل الإجماع واجبة قطعا ، وأما طاعة الأمراء والسلاطين فالأكثر أنها تكون محرمة لأنهم لا يأمرون إلّا بالظلم ، وقد تكون واجبة بحسب الظن الضعيف فحينئذ يحمل أولوا الأمر على الإجماع وأيضا إن أعمال الأمراء والسلاطين موقوفة على فتاوى العلماء والعلماء في الحقيقة أمراء الأمراء فهؤلاء أولوا الأمر (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) أي فإن اختلفتم أيها المجتهدون في شيء حكمه غير مذكور في الكتاب والسنة والإجماع فردوه إلى واقعة تشبهه في الصورة والصفة. وهذا المعنى يؤكد بالخبر والأثر. أما الخبر فهو أنهم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قبلة الصائم فقال صلىاللهعليهوسلم : «أ رأيت لو تمضمضت» (٢). والمعنى أخبرني هل تبطل المضمضة الصوم أم لا؟ أي فكما أن
__________________
(١) رواه ابن حجر في المطالب العالية (٤١٦٨) ، والمتقي الهندي في كنز العمال (٤٣٣٨٣).
(٢) رواه أبو داود في كتاب الصيام ، باب : القبلة للصائم ، والدارمي في كتاب الصوم ، باب :