سبح لا يبقى ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل المطر. (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) وهي نيران تنشأ من السحاب (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ) أي في شأن الله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣) أي العقاب نزلت هذه الآية في عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة أخي لبيد بن ربيعة فإنهما أتيا النبي صلىاللهعليهوسلم يخاصمانه ويريدان الفتك به صلىاللهعليهوسلم فقال أربد أخو لبيد : أخبرنا عن ربنا أمن نحاس هو أم حديد؟ فلما رجع أرسل الله عليه صاعقة في يوم صحو صائف فأحرقته ، ورمى عامرا بغدة كغدة البعير فمات على ظهر فرسه. وعن الحسن أنه قال : كان رجل من طواغيت العرب بعث إليه النبي صلىاللهعليهوسلم نفرا يدعونه إلى الله تعالى ورسوله فقال لهم : أخبروني من رب محمد هذا الذي تدعونني إليه فهل هو من ذهب أم من فضة أم من حديد أم من نحاس؟ فاستعظموا مقالته فرجعوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا رسول الله ما رأينا رجلا أكفر قلبا ولا أعتى على الله منه؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «ارجعوا إليه» فرجعوا إليه فقال : أجيب محمدا إلى رب لا أراه ولا أعرفه ، فرجعوا إليه صلىاللهعليهوسلم وقالوا : يا رسول الله ما زادنا على مقالته الأولى بل أخبث منها فقال صلىاللهعليهوسلم : «ارجعوا إليه» فرجعوا إليه فبينما هم عنده ينازعونه ارتفعت سحابة فكانت فوق رؤوسهم فرعدت وبرقت ورمت بصاعقة فاحترق الكافر وهم جلوس عنده ، فرجعوا ليخبروا النبي صلىاللهعليهوسلم بالخبر ، فاستقبلهم الأصحاب فقالوا : احترق صاحبكم قالوا : من أين علمتم؟ قالوا : أوحى الله إلى النبي صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) إلخ. (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) أي لله الدعوة المطابقة للواقع حيث جعلها افتتاح الإسلام بحيث لا يقبل بدونها وهي شهادة أن لا إله إلا الله ، وهي كلمة الإخلاص. (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ) والأصنام الذين يعبدهم الكفار من غير الله لا يستجيبون لهم بشيء من طلباتهم إلا استجابة كاستجابة الماء لمن بسط كفيه إليه من بعيد (لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ) أي ليبلغ الماء بنفسه من غير أن يغترف إلى فيه وما الماء ببالغ فيه أبدا لكونه جمادا لا يشعر بعطشه ، ولا يبسط يده إليه ، فكما لا يبلغ الماء في هذا الرجل العطشان كذلك لا تنفع الأصنام من عبدها (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١٤) أي وما عبادة الكافرين إلا في ضياع لا منفعة فيها ، لأنهم إن عبدوا الأصنام لم يقدروا على نفعهم ، وإن عبدوا الله لم يقبل منهم لإشراكهم (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) أي ولله يعبد من في السموات ومن في الأرض من الملائكة ، وبعض المؤمنين من الثقلين حال كونهم طائعين بسهولة ونشاط وحال كونهم كارهين للعبادة بمشقة لصعوبة ذلك على بعض المؤمنين (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١٥) أي ولله يسجد ظلال من يسجد غدوة عن أيمانهم وعشية عن شمائلهم. (قُلْ) يا أشرف الخلق لقومك : (مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ) أمر الله رسوله بهذا الجواب إشعارا بأنه متعين للجوابية وبأنهم لا ينكرونه ألبتة ، ثم ألزمهم الحجة فقال : (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي أبعد إقراركم هذا عبدتم من غير الله أربابا (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً) يستجلبونه (وَلا ضَرًّا) يدفعونه