ذكر اسم الله عليه وهو المذكى ببسم الله خاصة لا مما ذكر عليه اسم غيره فقط أو مع اسمه تعالى أو مات حتف أنفه. (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) أي وأيّ سبب حاصل لكم في أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه ، وأن تأكلوا من غيره. والحال أنه قد بيّن لكم ما حرم عليكم بقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) [الأنعام : ١٤٥] فهذا وإن كان متأخرا في التلاوة فلا يمنع أن يكون هو المراد لأن التأخر في هذا قليل. وأيضا التأخر في التلاوة لا يوجب التأخر في النزول ، أو بقوله تعالى في أول سورة المائدة : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣] الآية. لأن الله تعالى علم أن سورة المائدة متقدمة على سورة الأنعام في الترتيب لا في النزول. (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) أي إلا ما دعتكم الضرورة إلى أكله بسبب شدة المجاعة مما حرم عليكم فهو حلال لكم.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ببناء «فصل» و «حرم» للمفعول. ونافع وحفص عن عاصم ببنائهما للفاعل. وحمزة والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ببناء الفعل الأول للفاعل وبناء الثاني للمفعول (وَإِنَّ كَثِيراً) من الذين يناظرونكم في إحلال الميتة ويقولون لما حل ما تذبحونه أنتم فبأن يحل ما يذبحه الله أولى وهم أبو الأحوص وأصحابه ، أو ممن اتخذ البحائر والسوائب وهو عمرو بن لحي فمن دونه من أضرابه فإنه أول من غير دين إسماعيل (لَيُضِلُّونَ).
قرأ عاصم وحمزة والكسائي بضم الياء. والباقون بفتحها (بِأَهْوائِهِمْ) أي بسبب اتباعهم شهواتهم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي ملتبسين بغير علم مأخوذ من الشريعة (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) (١١٩) أي الذين تجاوزوا الحق إلى الباطل (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) أي اتركوا الإعلان بالزنا والاستسرار به وأهل الجاهلية يعتقدون حل السر منه.
وقال ابن الأنباري أي وذروا الإثم من جميع جهاته (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ) في الدنيا (سَيُجْزَوْنَ) في الآخرة (بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) (١٢٠) أي يكسبون إن لم يتوبوا وأراد الله عقابهم. أما إذا تاب المذنب من الذنب توبة صحيحة لم يعاقب وإذا لم يتب فهو في مشيئة الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه بفضله. (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وهو الميتة وما ذبح على ذكر الأصنام (وَإِنَّهُ) أي الأكل مما لم يذكر اسم الله بغير ضرورة أو إن ما ذكر عليه اسم غير الله (لَفِسْقٌ) أي خروج عما يحل وأجمع العلماء على أن أكل ذبيحة المسلم التي ترك التسمية عليها لا يفسق.
وروي عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : أنه قال : «ذكر الله مع المسلم سواء قال : أو لم يقل ويحمل هذا الذكر على ذكر القلب». (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) أي إن إبليس وجنوده وسوسوا إلى المشركين. أو المعنى أن مردة المجوس من أهل فارس كتبوا إلى مشركي قريش ، وذلك لما نزل تحريم الميتة سمعه المجوس فكتبوا إلى قريش أن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله