قال بعضهم : والذي حملهم على قتل الأولاد البخل وطول الأمل (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) أي نرزقهم من غير أن ينقص من رزقكم شيء فيطرأ عليكم ما تخشونه من الفقر (إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) (٣١) أي ذنبا عظيما.
وقرأ الجمهور بكسر الخاء وسكون الطاء. وقرأ ابن عامر بفتح الخاء والطاء مع القصر بمعنى ضد الصواب. وقرأ ابن كثير بفتح الخاء والطاء مع المد (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) بإتيان مقدماته (إِنَّهُ) أي الزنا (كانَ فاحِشَةً) أي ظاهرة القبح لاشتماله على فساد الأنساب وعلى التقاتل فإن الإنسان لا يعرف أن الولد الذي أتت به الزانية أهو منه أو من غيره فلا يقوم بتربيته وذلك يوجب ضياع الأولاد وانقطاع النسل وخراب العالم (وَساءَ سَبِيلاً) (٣٢) لأنه لا يبقى فرق بين الإنسان والبهائم في عدم اختصاص الذكران بالإناث فالله تعالى وصف الزنا في آية أخرى بصفات ثلاثة ، فالذي لم يذكر هنا كونه مقتا فإن المرأة إذا تمرنت على الزنا يستقذرها كل طبع سليم وكل خاطر سليم وإذا اشتهرت بالزنا تنفر عن مقارنتها طباع أكثر الخلق فحينئذ لا تحصل لها الألفة ولا يتم الازدواج (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) قتلها بالإسلام والعهد (إِلَّا بِالْحَقِ) أي بسبب الحق وهو عند القصاص فهو متعلق بلا تقتلوا (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) بغير حق يبيح القتل للقاتل (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) من الوارث أو السلطان عند عدم الوارث (سُلْطاناً) أي استيلاء على القاتل يؤاخذه بالقصاص أو بالدية (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) أي فلا يسرف الولي في أمر القتل بأن يزيد على القتل المثلة وقطع الأعضاء أو بأن يقتل غير القاتل من أقاربه ، أو بأن يقتل الاثنين مكان الواحد أو بأن يقتل القاتل مع أخذ الدية. وقيل : المعنى ولا يسرف القاتل الظالم والإسراف هو إقدامه على القتل بالظلم. وقرأ حمزة والكسائي «فلا تسرف» بالتاء على الخطاب ، أي لا تسرف في القتل أيها الولي ، أي اكتف باستيفاء القصاص ولا تطلب الزيادة. أو لا تسرف أيها الإنسان أي لا تفعل القتل الذي هو ظلم محض ، فإنك إن قتلت مظلوما استولى في القصاص منك. ويعضد هذا قراءة «ولا تسرفوا». (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) (٣٣).
قال مجاهد : إن المقتول المظلوم كان منصورا في الدنيا بإيجاب القود على قاتله ، وفي الآخرة بكثرة الثواب له وبكثرة العقاب لقاتله.
وقال قتادة : إن ولي المقتول كان منصورا على القاتل حيث أوجب الله له القصاص أو الدية وأمر الحكام بمعونته في استيفاء حقه فليكتف بهذا القدر ولا يطمع في الزيادة. (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وهي حفظه وإرباحه (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) أي حتى يبلغ إلى حيث يمكنه بسبب رشده القيام بمصالح ماله فحينئذ تزول ولاية غيره عنه فإن بلغ غير كامل العقل لم تزل الولاية عنه (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) سواء جرى بينكم وبين ربكم أو جرى بينكم وبين الناس (إِنَّ الْعَهْدَ