بقائه وارتفاعه في الوقت الآخر.
والثانية : أنّ القضايا الشرطيّة وما يجري مجراها تفيد الحكم بوجود شيء على تقدير وجود آخر ، على معنى تعليق حصول أمر على حصول أمر غير حاصل.
والثالثة : أنّ قضيّة التعليق عدم تحقّق المعلّق في الخارج ما لم يتحقّق المعلّق عليه ، على معنى توقّف وجود الأوّل على وجود الثاني.
وهذه المقدّمات كلّها صحيحة لا كلام في شيء منها ، وإنّما الكلام في تشخيص المعلّق هل هو حكم القضيّة أو موضوعه ، ومبنى الدليل على تخيّل الأوّل ، فيتفرّع عليه حينئذ القول بأنّ الحكم المعلّق لم يكن ثابتا في الزمان الأوّل من جهة عدم وجود الشرط المعلّق عليه ثمّة ، وإنّما هو قابل للثبوت باعتبار قابليّة المعلّق عليه للوجود ، فلا معنى لاستصحابه في الزمان الثاني ، لأنّ استصحاب الأمر الغير الثابت غير معقول ، ومن ذلك شبهة الدليل.
ولكنّ الّذي يساعد عليه النظر كون التعليق في موضوع الحكم لا في نفسه ، بل هو في جميع القضايا التعليقيّة يقع فعلا في حال النطق خبريّا كان أو طلبيّا ، ويبقى المحكوم به في الأوّل والمطلوب في الثاني ، مراعى حصوله على حصول المعلّق عليه ، فقولنا : « إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود » حكم فيه بوجود النهار على تقدير طلوع الشمس ، فالحكم ـ أعني إسناد الوجود إلى النهار على تقدير طلوع الشمس ـ إنّما يقع حال النطق ويبقى وجود النهار معلّقا على طلوع الشمس ، لأنّه الّذي لا يتحقّق ما لم يتحقّق الطلوع. ولذا يقال : إنّ صدق الشرطيّة لا يتوقّف على صدق الشرط ، ومعناه : أنّ صدق الإسناد لمطابقته الواقع لا يتوقّف على تحقّق الشرط في الخارج ، وكذا الكلام في قولنا : « إن جاءك زيد فأكرمه » فإنّ الحكم وهو الطلب الحتمي المتضمّن لمنع الترك على تقدير المجيء يقع في حال النطق ، والمطلوب وهو إيجاد الإكرام يبقى مراعى على تحقّق المجيء من زيد وبدونه لا يوجد الإكرام ، لأنّه ليس بمطلوب حينئذ لا أنّه لا وجوب أصلا ، وهذا الوجوب لتيقّن ثبوته قبل وجود الشرط المعلّق عليه إذا صار لعروض حالة أو تبدّل زمان مشكوك البقاء جاز استصحابه ، لتحقّق أركان الاستصحاب وشرائطه وشمول أدلّته له.
وعلى هذا القياس استصحاب الحرمة في مسألة العنب والزبيب لثبوت الحرمة في حال العنبيّة على تقدير الغليان والشكّ في بقائها في حال الزبيبيّة ، فإنّه في غاية الصحّة إن