كالهلاك وزوال العقل ، واستيلاء القساوة ، والمنع من استجابة الدعاء وما أشبه ذلك ، ممّا يترتّب على الشيء من باب الخاصيّة ولا يتغيّر بالعلم والجهل ، من المضارّ والمفاسد الّتي لا يندفع احتمالها بدفع احتمال الضرر الاخروي ، لعدم كون بيانها على الشارع.
فلابدّ في التخلّص عن حكم العقل بوجوب دفعه المانع من العمل بأصل البراءة في مورده من أحد المنعين :
إمّا منع احتماله نظرا إلى أنّ الغالب في الواجبات اشتمال فعلها على المصلحة الملزمة لا اشتمال تركها على المفسدة ، فغاية ما يترتّب على ترك الواجب الواقعي بسبب الجهالة إنّما هو فوات المصلحة وهو ليس من الوقوع في المفسدة ، خصوصا إذا كانت المصلحة مجرّد تكميل النفس الموجب لا ستحقاق المثوبات الاخرويّة من رفع الدرجة. ولا ريب أنّ احتمال فوات المصلحة ليس من احتمال المضرّة ليجب دفعه ، وهذا نظير ما يقال من أن عدم الربح في التجارة فوات منفعة وهو لا يعدّ في العرف ضررا على وجه الحقيقة ، لأنّ الضرر عبارة عن نقص في رأس المال والمنفعة زيادة فيه ، وعدمها ليس نقصا فيه. ومن فروعه أنّه لو منعه مانع عن الاسترباح في ماله بحبس أو نحوه فهل يضمن المنافع الفائتة؟ قيل : نعم لعموم أدلّة نفي الضرر ، لأنّه بتفويته المنافع عليه ادخل عليه الضرر. والحقّ لا ، لعدم صدق الضرر على فوات المنفعة فلا يندرج في العموم.
أو منع حكم العقل بوجوب دفعه لعدم كون احتماله عقلائيّا باعتبار عدم إيجابه.
وقد يدفع : بأنّه من حيث احتمال الضرر الدنيوي راجع إلى الشبهة الموضوعيّة لرجوعه إلى الشكّ في كونه من مصاديق الضرر ، فلابدّ حينئذ إمّا من منع وجوب الدفع ، وإمّا من دعوى ترخيص الشارع وإذنه فيما شكّ في كونه من مصاديق الضرر.
المسألة الثانية
في الشبهة الحكميّة
الوجوبيّة الناشئة من إجمال النصّ ، كالفعل الّذي دار فيه الأمر بين الوجوب والاستحباب أو الإباحة أو الكراهة لإجمال اللفظ الوارد في بيان حكمه ، كالصيغة على القول باشتراكها لغة بين الوجوب والندب ، أو إذا وقعت عقيب الحظر على القول بالوقف ، أو إذا قلنا بكونها في الندب من المجازات الراجحة المساوي احتمالها لاحتمال الحقيقة.