آخره » (١) بناء على أنّ رفع التسعة لا يمكن صرفها إلى أعيانها حذرا عن الكذب ، فوجب حمله على رفع آثارها ، ومن آثار النسيان تدارك المأمور به بنسيان جزئه إعادة وقضاء ، ورفعهما عبارة عن إسقاط وجوبهما.
وقضيّة ذلك وجوب ترتيب آثار الصحّة على العمل الناقص مطلقا إلاّ ما خرج بالدليل ، وإن اقتضى الأصل الأوّلي بطلانه.
ويدفعه : ابتناء ذلك على حمل الرفع على رفع جميع الآثار لا خصوص المؤاخذة ، ولقد منعناه عند شرح الحديث في مسألة الشبهة الموضوعيّة من الشكّ ، وعيّنّا الحمل على خصوص رفع المؤاخذة فلاحظ وتأمّل. ومعه لا دلالة للرواية على ما توهّم من الأصل الثانوي ، فالأصل الأوّلي ممّا لا وارد عليه من الاصول.
المسألة الثانية : في بطلان العبادة بزيادة جزئها عمدا وعدم بطلانها.
وليعلم أوّلا : أنّ محلّ البحث تعمّد زيادة جزء العبادة من حيث الجزئيّة من دون أن يطرأه خصوصيّة اخرى رافعة للإشكال ، فإنّه ربّما يطرأ خصوصيّة لا ينبغي التأمّل في بطلانها بتعمّد زيادته لأجل هذه الخصوصيّة ، وقد ينعكس الأمر بطروّ حيثيّة لا ينبغي التأمّل في عدم البطلان بالنظر إلى هذه الحيثيّة.
فمن الأوّل ما لو ثبت بدليل الجزء كونه جزءا بشرط لا ، على معنى شرط الوحدة ، وإذا كرّر ذلك حينئذ بتعمّد الزيادة مثلا كان مبطلا لها لا محالة ، لا لمجرّد الزيادة بل لأدائها إلى انتفاء شرط الجزء وهو الوحدة الموجب لانتفاء المشروط ، فبطلانها في الحقيقة لفوات جزئها.
ومن الثاني الزيادة على القدر الواجب من التسبيحات الأربع أو من تسبيحة الركوع والسجود ، فإنّها بملاحظة كونها ذكرا جائزة بل راجحة ولا تبطل بها العبادة. ومنه أيضا تكرّر الجزء لأجل الاحتياط عند احتمال خلل في المأتيّ به أوّلا ، فإنّه أيضا أمر راجح ولا تبطل به العبادة قطعا ، ومحلّ البحث هو تعمّد زيادة الجزء من حيث الجزئيّة من دون ملاحظة نحو هذه الخصوصيّات والحيثيّات ، وهو يتصوّر من وجوه :
الأوّل : أن يتعمّد زيادة الجزء على أن يكون الزائد جزءا مستقلاّ.
الثاني : أن يتعمّد الزيادة على أن يكون الزائد بانضمام المزيد عليه إليه جزء واحد.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٥ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث الأوّل.