المقام الأوّل
في حكم الشك في التكليف لشبهة حكمية او موضوعية.
وفيه مطالب :
المطلب الاول
فيما اشتبه حكمه الشرعي الدائر بين الوجوب وغير الحرمة ، وفيه مسائل أربع :
المسألة الاولى : فيما لو كان الاشتباه من جهة فقد النصّ المعتبر ، كقراءة الدعاء عند رؤية الهلال ، وغسل الجمعة ، والكفّارة بوطئ الحائض ، وصوم نهار نسيان العشاء ، وتوجيه المحتضر نحو القبلة ، وغير ذلك ممّا لا يحصى كثرة.
والمعروف من الأصحاب هو نفي الوجوب عملا بأصل البراءة ، وعن الأخباريّين موافقة المجتهدين هنا في الجملة.
لنا على ذلك : الأدلّة الأربعة ، من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل.
أمّا الكتاب فآيات ، منها : قوله عزّ من قائل : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (١).
ووجه الاستدلال : أنّ بعث الرسول بملاحظة أنّ الفائدة المقصودة منه تبليغ الأحكام كناية عن تبليغ الأحكام وبيانها ، فتدلّ الآية على نفي التعذيب قبل البيان ، وملخّصه نفي العقاب على مخالفة الأحكام الواقعيّة المستورة عن المكلّف لجهله بها لأجل عدم بلوغها إليه ، ويلزم من ذلك كون الجهل عذرا مانعا عن تأثير الحكم الواقعي في العقاب على مخالفته واستحقاقه ، لا انتفاء الحكم عن الواقعة المشكوك في حكمها بحسب الواقع ، لينافي ما تقدّم من عدم تعرّض أصل البراءة بدليله للواقع أصلا لا بإثبات ولا بنفي.
وبهذا سقط ما عساه يقال على الاستدلال بالآية من أنّ نفي التعذيب إن اريد به نفي فعليّة العذاب فهو لا ينافي استحقاقه ، فلا ينافي كون الفعل واجبا أو حراما ولا يعاقب عليه فعلا لعفوه تعالى عن تلك المعصية.
وإن اريد به نفي استحقاقه فلازمه انتفاء الحكم الشرعي بحسب الواقع ، فالآية على التقديرين لا تعلّق لها بأصل البراءة.
أمّا على الأوّل : فلعدم تعرّضها لنفي الحكم الشرعي في الظاهر.
__________________
(١) الإسراء : ١٥.