أحكام غيرها من الشرائع السالفة ، لوجود المقتضي وهو جريان دليل الاستصحاب وفقد المانع خلافا لمن أنكره استنادا إلى تشكيكات أوردها بعض مشايخنا مع ثمرات المسألة في رسالته الاستصحابيّة (١) ولا فائدة مهمّة في التعرّض لذكرها ومن يطلبها يراجع إلى الرسالة المذكورة.
المطلب الثاني
في الأصل المثبت وهو الاستصحاب من حيث إنّه يفيد ثبوت غير المستصحب وآثاره الشرعيّة من مقارناته ، فيقال : إنّه ليس بحجّة أو ليس بثابت أو أنّه لا عمل بالاصول المثبتة ، ويعنى به أنّه لا يفيد ذلك.
وتوضيح المقام : أنّ ما يقارن المستصحب إمّا أن يكون بينه وبين المستصحب علاقة واتّصال يقال له : اللزوم أو لا ، بل كان مقارنته له لمحض الاتّفاق كفسق عمرو إذا قارن عدالة زيد حال اليقين [ بها ] ، وكرّيّة ماء إذا قارنت وجوب الاغتسال للجنابة حال اليقين بها ، ورطوبة ثوب أو طهارته إذا قارنت حرمة امرأة حال اليقين بها. وعلى الأوّل فإمّا أن يكون ذلك المقارن من لوازم المستصحب ، أو من ملزوماته ، أو لا من هذا ولا من ذلك ، بل كان مع المستصحب لازمين لأمر ثالث ، على معنى كونهما متلازمين في الخارج متشاركين في الملزوم.
وبعبارة اخرى : أنّ مقارنة ما قارن المستصحب لعلاقة بينهما إمّا أن يكون من جهة ترتّبه على المستصحب ، أو من جهة ترتّب المستصحب عليه ، أو من جهة ترتّبهما على أمر ثالث غيرهما. وعلى التقادير الثلاث فاللزوم الارتباط الحاصل بينهما إمّا أن يكون شرعيّا أو عقليّا أو عاديّا ، فهذه عشرة أقسام :
أمّا القسم الأوّل : فينبغي القطع بأنّ الاستصحاب لا يفيد ثبوت الأمر المقارن لمحض الاتّفاق وترتّبه على المستصحب. فلا يحكم بفسق عمرو لمجرّد استصحاب عدالة زيد ، ولا بكرّيّة الماء لمجرّد استصحاب وجوب الاغتسال للجنابة ، ولا بحرمة الامرأة المذكورة لمجرّد استصحاب رطوبة الثوب أو طهارته باعتبار مقارنتها للمستصحب حال اليقين به ، بل لو كان ذلك الأمر المقارن بحيث فيه بنفسه الاستصحاب لاجتماع شرائطه وتحقّق
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٢٥ ـ ٢٣٢.