الثاني لموته ، وهذا بمجرّده لا يلازم الفرديّة الّتي ملاكها كون الخصوصيّة مقوّمة للماهيّة ، وإلاّ لزم كون الاستصحاب في جميع موارده من استصحاب القدر المشترك ولم يقل به أحد.
وعلى هذا فلا مانع من استصحابها احرازا لمقتضي النجاسة الّذي شرط اقتضائها الموت وهو متحقّق بالفرض والشكّ إنّما هو في انتقاض الحالة العدميّة وارتفاعها بطروّ الذبح الشرعي. وهكذا الكلام في مثالي الولاية والسواد وغيرهما فالاستصحاب في هذه الأمثلة ونظائرها صحيح ، ولكن لا من باب استصحاب القدر المشترك بل من باب استصحاب الحالة الوحدانيّة القابلة للاستمرار وجوديّة كانت أو عدميّة ، وعلى هذا فانحصر استصحاب القدر المشترك في نحو القسمين الأوّلين ، والظاهر صحّته بناء على المسامحة وثبوت هذه المسامحة فيه عرفا.
المطلب التاسع
في استصحاب الامور التدريجيّة ، والمراد بالأمر التدريجي ما ينعدم سابقه بوجود لا حقه.
وبعبارة اخرى : ما يتوقّف وجود جزئه اللاحق على انعدام جزئه السابق.
وبعبارة ثالثة : ما لا يجتمع أجزاؤه في الوجود الخارجي ، كالقراءة والتكلّم والمشي ونبع الماء وسيلان دم الطمث ، وعلى هذا فما قد يوجد في كلام بعضهم من عدّ الكريّة من الامور التدريجيّة غير جيّد ، لأنّ الكرّ عبارة عن مقدار مخصوص من الماء وغيره يجتمع أجزاؤه في الوجود.
نعم قد يكون حصول أجزائه واجتماعها في الوجود تدريجا وهذا لا يوجب كونه من الامور التدريجيّة ، وإلاّ لزم كون المركّبات الخارجيّة بأجمعها من الامور التدريجيّة لوضوح أنّ كلّ مركّب كما يمكن تحصّل أجزاؤه في الخارج دفعة فكذلك يمكن تحصّلها تدريجا.
وعلى أيّ تقدير فالمقصد الأصلي من عقد هذا البحث هو التكلّم عن قابليّة الامور التدريجيّة للاستصحاب وجريانه فيها وعدمه.
فنقول : أنّ الاستصحاب المذكور إن كان عدميّا ـ كعدم القراءة وعدم جريان الماء ونحو ذلك ـ فلا ينبغي التأمّل في صحّته وجريانه ، بل هو عند التحقيق خارج عن معقد البحث.
وإن كان وجوديّا فالمعهود من طريقة العرف وعمل العلماء جريانه ، غير أنّ دقيق النظر يأباه ويقضي بعدم معقوليّة جريانه في الامور التدريجيّة ، لأنّها تدخل في الوجود جزء