فتوضّأ ، وايّاك أن تحدث وضوءا أبدا حتّى تستيقن أنّك قد أحدثت (١) ».
وموثّقة عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ في حديث ـ : « قال كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك شيء (٢) ».
والخبر المرويّ في كتب المشايخ الثلاث بطرق متعدّدة المتلقّى بالقبول : « الماء كلّه طاهر حتّى يعلم أنّه قذر (٣) ».
ووجه انطباق مفاد الصحيحة على الاستصحاب واضح من حيث إنّ الإمام عليهالسلام أمر السائل بالصلاة في الثوب وعدم الاعتناء باحتمال طروّ النجاسة تعويلا على طهارته السابقة ، وأناط التحرّز عنه في الصلاة ووجوب غسله لها باستيقان أنّ الذمّي نجّسه ، ولا يعنى من الاستصحاب إلاّ هذا.
وبهذا البيان يمكن تطبيق موثّقة ابن بكير عليه أيضا من حيث إنّه عليهالسلام أناط وجوب التوضّؤ باستيقان الحدث.
وأمّا انطباق موثّقة عمّار عليه فلعلّ وجهه أنّه عليهالسلام حكم في كلّ شيء نظيف باستمرار نظافته إلى أن يحصل العلم بقذارته. فقوله : « كلّ شيء نظيف » معناه كلّ شيء محكوم باستمرار نظافته إلى زمان علم قذارته أي طروّ القذارة له. وهكذا يقال في تطبيق قوله عليهالسلام : « الماء كلّه طاهر » إلى آخره عليه.
وفيه نظر واضح ، لمنع كون الرواية مسوقة لتأسيس قاعدة الاستصحاب ، بل هي ظاهر الانسياق لإعطاء قاعدة اخرى يعبّر عنها بقاعدة الطهارة فيما شكّ طهارته ونجاسته إلى أن يعلم نجاسته ، نظير قاعدة الصحّة في فعل المسلم إلى أن يعلم الفساد ، وقاعدة الحلّ إلى أن يعلم الحرمة.
وتوضيح المقام : « أنّ قوله : « كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر » في بادئ النظر يحتمل وجوها :
أحدها : أن يراد بالموضوع العناوين الكلّيّة القابلة لكون حكمها الواقعي الطهارة ، وبالمحمول الطهارة الواقعيّة لتكون الرواية مسوقة لإنشاء الطهارة الواقعيّة للعناوين الكلّية.
وثانيها : أن يراد بالموضوع العناوين الكلّية الغير المعلوم حكمها الواقعي المردّد بين
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٦ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٧ ، و ٣٣٢ ، الباب ٤٤ من أبواب الوضوء ح ١.
(٢) الوسائل ٢ : ١٠٥٤ ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، ح ٤.
(٣) الكافي ٣ : ١ ، ح ٢ ، ٣ الفقيه ١ : ٥ ، ح ١ باختلاف ، التهذيب ١ : ٢١٥ و ٢١٦ ، ح ٦١٩ ـ ٦٢١.