منها : ما رواه عمّار بن موسى الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شيء من السهو في الصلاة فقال : « ألا اعلّمك شيئا إذا فعلته ثمّ ذكرت أنّك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء؟ قلت : بلى ، قال : إذا سهوت فابن على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنّك نقصت ، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شيء ، وإن ذكرت أنّك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت (١) ».
وما أرسله الصدوق في الفقيه قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام لعمّار بن موسى : « يا عمّار ألا أجمع لك السهو كلّه في كلمتين ، متى ما شككت فخذ بالأكثر ، وإذا سلّمت فأتمّ ما خلت أنّك نقصته (٢) ».
ومن الأخبار ما رواه الشيخ عن الصفّار عن عليّ بن محمّد القاساني قال : كتبت إليه عليهالسلام وأنا بالمدينة عن اليوم الّذي يشكّ فيه من رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب عليهالسلام : « اليقين لا يدخل فيه الشكّ ، وصم للرؤية وأفطر للرؤية (٣) » تمسّك بها بعض الأعلام (٤) وهذه في وضوح الدلالة على الاستصحاب عموما بحيث لا يفتقر إلى بيان ، فإنّه عليهالسلام بعد ما سئل عن حكم يوم الشكّ المردّد بين آخر شعبان وأوّل رمضان ، أو بين آخر رمضان وأوّل شوّال ، أصّل للسائل أصلا كلّيا وقنّن قانونا مطّردا وهو : أنّ اليقين لا يدخله الشكّ ، ومعناه : أنّ اليقين لا يزاحمه الشكّ ، ومزاحمه الشكّ لليقين عبارة عن إيجابه رفع اليد عنه وترك العمل به ، ومحصّله : المنع من نقض اليقين بالشكّ. ثمّ فرّع عليه فرعين لا ينطبقان عليه إلاّ على تقدير كون المراد به قاعدة الاستصحاب.
أحدهما : عدم وجوب الصوم إلاّ لرؤية هلال رمضان ، لسبق يقين شعبانيّة الشهر على يوم الشكّ ، فلا ينقض بالشكّ بل بيقين مثله ، وهو اليقين بخروج شعبان الحاصل برؤية هلال رمضان.
وثانيهما : عدم وجوب الإفطار إلاّ لرؤية هلال شوّال ، لسبق يقين رمضانيّة الشهر على يوم الشكّ ، فلا ينتقض بذلك الشكّ بل بيقين مثله حاصل برؤية هلال شوّال.
ولا يجري فيه ما تقدّم في الرواية السابقة من احتمال كون الغرض تأسيس قاعدة
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣١٨ ، الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣ ، ح ٢ : ٣٤٩ ح ١٤٤٨.
(٢) الوسائل ٥ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح ١.
(٣) الوسائل ٧ : ١٨٤ ، الباب ٣ من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح ١٣.
(٤) القوانين ٢ : ٦٢.