ذلك حمل له على اليقين الشأني.
وربّما يلزم ارتكاب خلاف ظاهر آخر في قوله : « فابن » بحمله على إرادة « حصّل ».
وتوهّم أنّ تنزيل الرواية على بيان حكم الاستصحاب يوجب حمل اليقين على إرادة اليقين السابق ، وهو أيضا خلاف ظاهر من لفظه الظاهر في اليقين الفعلي لا السابق ولا الشأني.
وإن شئت قلت : إنّه ظاهر في اليقين الحاصل فعلا لا فيما حصل ولا فيما يحصل بعد ، ففي تعيّن الخروج عن الظاهر لا فرق بين المعنيين.
يدفعه : أنّ اعتبار السبق في اليقين الاستصحابي لا ينافي الفعليّة ، نظرا إلى أنّ « السابق » في اليقين السابق عبارة عن متعلّق اليقين وهو الزمان السابق لا ظرف وجوده ، فهو مع الشكّ المعتبر معه في الاستصحاب كلاهما فعليّان ، غير أنّ متعلّق اليقين حدوث الحالة السابقة ومتعلّق الشكّ بقاؤها.
لا يقال : إنّ اليقين بالاشتغال أيضا في مورد قاعدة الاشتغال يقين فعلي ، فلو حمل عليه قوله : « فابن على اليقين » لم يكن خروجا من الظاهر ولا ارتكابا لخلافه ، ومن مقتضى البناء على اليقين بالاشتغال لزوم مراعاة ما يبرئ الذمّة « لأنّ تنزيل لفظ الرواية على يقين الاشتغال إرجاع له أيضا إلى الاستصحاب ولكن في خصوص الاشتغال لا مطلق الحالة السابقة ، لأنّ قولنا : « إذا شككت فابن على اليقين بالاشتغال » يقال فيما لو اريد إعمال الاستصحاب ، وفيما لو اريد إعمال قاعدة الاشتغال يقال : « إذا شككت فابن على اليقين بالبراءة » أي حصّل اليقين بها ولا تكتف باحتمالها. فالرواية على الاحتمال المذكور أيضا لا تخلو عن الدلالة على اعتبار الاستصحاب ولكن في الجملة ، كيف وتنزيلها عليه أيضا خروج عن الظاهر ، لأنّ لفظي « الشكّ » و « اليقين » مطلقان وصرفهما إلى البراءة والاشتغال بالخصوص لا بدّ له من صارف.
ولكنّ الإنصاف : أنّ دلالة هذه الرواية على الاستصحاب مطلقا أو في الجملة ليست بذلك الوضوح ، لقوّة احتمال ورودها في شكوك الصلاة بل في خصوص الشكّ في ركعاتها كما أو مأنا إليه في تقرير المناقشة المتقدّمة ، بأن يكون تقديرها « إذا شككت في شيء من ركعاتها فابن على ما يوجب اليقين بالصحّة المبرئة للذمّة » وهو البناء على الأكثر ثمّ الاحتياط بعد التسليم ، وإنّما عبّر بهذا اللفظ تعريضا على العامّة البانين فيها على ما لا يوجبه لاحتمال الزيادة في الركعة. ونظائر هذا التعبير لإفادة ذلك المعنى في الروايات الواردة في باب الشكوك كثيرة.