الجزئيّة والشرطيّة والتمسّك بها على نفي الحكم التكليفي ، وهو تعلّق الوجوب النفسي بالزائد على وجه أوجب الإخلال به ترتّب العقاب على مخالفة الواقع ، كما يوجب الإخلال بالأقلّ ترتّبه عليها. بل نفي الحكم الوضعي ممّا ليس له معنى محصّل ما لم يكن آئلا إلى نفي الحكم التكليفي ، بناء على ما هو المحقّق ، من عدم مجعوليّة الأحكام الوضعيّة ، وإنّما هي امور اعتباريّة انتزاعيّة تنتزع من الأحكام التكليفيّة.
وقد يمنع التمسّك بعموم هذه الأخبار بدعوى ظهورها في نفي الوجوب النفسي المشكوك فيه ، وعدم جريانها في الشكّ في الوجوب الغيري كما فيما نحن فيه.
وهذا أيضا في الضعف كسابقه ، إذ قد عرفت سابقا أنّ الوجوب الغيري ممّا لا معنى له في جزء الواجب ، بل لا يضاف إليه باعتبار جزئيّته من الوجوب إلاّ الوجوب النفسي المتعلّق بإيجاد الكلّ الّذي هو عين إيجادات أجزائه ، فهو بحيث يلزم من الإخلال بكلّ جزء مخالفته الّتي يترتّب عليها العقاب ، فالشكّ في وجوب الجزء المشكوك في جزئيّته معناه الشكّ في الوجوب النفسي المتعلّق بالكلّ بالفرض باعتبار تعلّقه بذلك المشكوك في جزئيّته وعدمه ، وهو الوجوب الّذي نفته الأخبار باعتبار ذلك ، ومعنى نفيه نفي العقاب المترتّب على مخالفته اللازمة من الإخلال بالمشكوك فيه على تقدير جزئيّته في الواقع.
وربّما اورد أيضا : بأنّ أصل البرائة وإن كان يجري في جانب الأكثر وينفي اعتبار الزائد في المأمور به ، إلاّ أنّه لا ينتج كون الأقلّ مأمورا به إلاّ على القول بالاصول المثبتة وهو باطل. فوجب الإتيان بالأكثر تحصيلا لفراغ الذمّة ، فإنّ العلم الإجمالي بالمكلّف به بعد العلم التفصيلي بالتكليف يقتضي تحصيل فراغ الذمّة الشرعي أو اليقيني ، والأوّل متعذّر لعدم وفاء الأصل بإثبات كون الأقلّ هو المأمور به واقعا ، فتعيّن الثاني ولا يتأتّى إلاّ بالإتيان بالأكثر ، نظير ما مرّ في الشبهة المصداقيّة من دوران المكلّف به بين الأقلّ والأكثر ، كما في الأمر بصوم شهر رجب إذا اشتبه يوم الثلاثين بين كونه آخر رجب أو أوّل شعبان لعدم رؤية الهلال لغيم أو غيره من الموانع ، فيدور المأمور به بين تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما ، حيث إنّ الحكم في ذلك على ما عرفت هو الإتيان بصوم اليوم المشكوك فيه تحصيلا للواقع ، فكذا الحال فيما نحن فيه لاتّحاد الطريق.
والجواب عن ذلك بوجهين :
أحدهما : النقض بأصل الاشتغال الّذي هو المرجع في التزام الأكثر ، فإنّه أيضا لا ينتج