بالمعنى المبحوث عنه الشاملة للفروع مع الانفتاح والانسداد غير ثابتة بهما.
ومنها : الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم الّتي أظهرها عموما وأصرحها دلالة ، قوله عزّ من قائل ـ في سورة بني اسرائيل ـ : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً )(١) نهى الله سبحانه عن اتّباع غير المعلوم ، فيشمل العمل بالظنّ لأنّ المظنون غير معلوم.
وقال الطبرسي (٢) في تفسيره : « وقد استدلّ جماعة من أصحابنا بهذا على أنّ العمل بالقياس وخبر الواحد غير جائز لأنّهما لا يوجبان العلم ، وقد نهى الله سبحانه عن اتّباع ما هو غير معلوم » ولا يرد عليه الاختصاص باصول الدين ، لظهور اللفظ وشهادة السوابق واللواحق.
وأمّا وجه التعليل ونكتة تخصيص السمع والبصر والفؤاد بالذكر فلم نقف على تعرّض لهما في كلامهم ، ولعلّه من جهة أنّ اتّباع ما هو غير معلوم عبارة عن الأخذ بغير المعلوم والالتزام به على أنّه حكم الله ، وهذا أمر قلبي يصدر من الفؤاد فيسئل عنه صاحبه ، أو أنّه عبارة عن ترتيب آثار المعلوم بغير المعلوم ، فيصدر من الجوارح والأعضاء وهذه الثلاث أشرفها وسيّدها.
والإيراد عليه ـ تارة : بأنّ الآية خطاب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يعمّ حكمها لسائر الامّة.
واخرى : بأنّها من الخطابات الشفاهيّة ، ويحتمل اقترانها حين النزول بقرينة أفادت إرادة الخصوص لا العموم.
وثالثة : بأنّ الاستدلال إنّما يتمّ لو كانت كلمة « ما » نكرة موصوفة ، ليكون النفي الوارد عليها مفيدا للعموم ، وهو ليس بمتعيّن لاحتمال كونها موصولة وهي من ألفاظ العموم ، والنفي الوارد عليها حينئذ سلب العموم ونفي الكلّ الّذي يقال له رفع الإيجاب الكلّي ، ـ على ما نصّ عليه أهل العربيّة ، فارقين بين قولنا : « لم يقم كلّ إنسان » وبين قولنا : « كلّ انسان لم يقم » ـ فيكون معنى الآية : لا تتّبع كلّما ليس لك به علم ، وهذا لا ينافي جواز اتّباع بعض ما ليس به علم.
ورابعة : بأنّ الآية لو حملت على ظاهرها تخالف الإجماع ، للزوم حرمة العمل بالقطع أيضا
__________________
(١) سورة الإسراء : آية ٣٦.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٤١٥.