وفي المرافعات وكلامنا في الشبهات الحكميّة ، والحقّ منع عموم أدلّة الاصول بحيث يلزم من إعمالها المخالفة القطعيّة للواقع ، فإنّها مقيّدة بجهالة الواقع وعدم العلم به تفصيلا وإجمالا.
وقضيّة ذلك كون مخالفة العلم الإجمالي اللازمة من إعمال أصل أو أصلين محرّمة.
وحينئذ ففي محلّ البحث يلاحظ الأصلان المختلفان في المؤدّى ، فإن كانا من باب الوارد والمورود يقدّم الوارد ولا يلتفت إلى الآخر (١) ، وإلاّ فلا محيص من البناء على التخيير في العمل والأخذ بأحد الأصلين وطرح الآخر حذرا عن مخالفة العلم الإجمالي (٢).
الأمر الرابع :
قد يلحق بنقل الإجماع في مسألة نقل التواتر في خبر في ثبوت الحجّيّة بذلك النقل ، فكما يثبت نقل الواحد حجّيّة الإجماع المنقول ، على معنى جواز التمسّك به في استكشاف قول المعصوم وترتيب آثار الواقع على الحكم المجمع عليه ، فكذلك يثبت بنقله التواتر في خبر حجّيّته ، على معنى الاستناد إلى التواتر المنقول فيه في استكشاف صدقه وترتيب أحكام الواقع على المخبر به.
ويظهر ثمرة هذا البحث في القراءات الثلاث المعروفة عن مشايخها أبي جعفر وخلف ويعقوب ، فإنّ الأصحاب بعد ما اتّفقوا على كون القراءات السبع متواترة ، اختلفوا في تواتر
__________________
(١) وذلك كأصالة عدم تملّك الامّ بالإرث لما زاد على ثلاث الباقي أو سدسه بعد إخراج فريضة الزوج أو الزوجة من النصف أو الربع في مسألتي ما لو ترك الميّت أبوين مع الزوج أو الزوجة الواردة على أصالة عدم تملّك الأب بالإرث من حيث القرابة للزايد ممّا بقي بعد إخراج فريضة الامّ ، فإنّ ذا القرابة يستحقّ الإرث في ما بقي من ذي الفريضة ، فاستحقاقه مترتّب على استحقاق ذي الفريضة ومتفرّع على بقاء ما بقي منه ، فيكون الشكّ في تملّكه الزايد مسبّبا عن الشكّ في تملّك ذي الفريضة كالامّ لما زاد على ثلث الباقى وسدسه بعد إخراج فريضة الزوج أو الزوجة ، ففيما لو كانت الفريضة من إثنى عشر في الأبوين مع الزوج يحكم باستحقاق الامّ للاثنين وهو ثلث الستّة الباقية لأصالة عدم تملّكها الزايد عليهما وهو الاثنان ، فيستحقّ الأب الأربعة الباقية ولا يعارضها أصالة عدم تملّكه لما زاد على الاثنين ، لورودها عليها السببيّة شكها. [ انظر حاشية المصنّف رحمهالله على القوانين : ٢٥٢ ]
(٢) كاستصحاب بقاء المال مع أصالة عدم حصول المال في مدعي الفقر لتلف مال ومدّعيه لعدم ماله له لأخذ الزكوة ، بناء على أنّ الامّة بين من قال بأنّه يقبل دعواه بلا بيّنة أو يمين في المسألتين ومن قال بأنّه لا يقبل فيهما إلاّ ببيّنه أو يمين من غير فصل بينهما ، ففي إعمال الأصلين معا كلّ في مورده المستلزم للتفصيل بين المسألتين وعدمه اشكال ... الخ [ حاشية المصنف على القوانين : ٢٥٢ ].