الموهومات فقط ، ودعوى : أنّ كلّ من قال بعدم الاحتياط في الموهومات قال بعدمه في المشكوكات أيضا ، في غاية الضعف والسقوط.
رابعها : الدليل المعروف بدليل الانسداد
وهو دليل عقلي مركّب من مقدّمات عديدة ، مذكورة في كلام القوم بأجمعها صراحة أو ضمنا ، حتّى أنّ منهم من طوى ذكر بعضها ولم يصرّح به تعويلا على وضوحه ، وإذا تمّ ذلك الدليل بثبوت جميع مقدّماته لا يبقى إشكال وتشكيك في حجّيّة الظنّ المطلق وتعيّن العمل به ، بل لا اختصاص له بالأحكام الفرعيّة بل يجري في جميع الموارد ـ لو تمّ بجميع مقدّماته ـ حتّى المسائل الاصوليّة والموضوعات الخارجيّة وغيرها ، كالعدالة للرواة وأئمّة الجماعة والشهود إذا لم يوجد فيها شيء من الطرق العلميّة والظنون الخاصّة ، بل الاصوليّة الاعتقاديّة أيضا على تقدير جريان الدليل فيها.
وما يرى من أنّه لا يعمل فيها بالظنّ بل الإجماع على منعه ، فإنّما هو لعدم جريانه فيها باعتبار ثبوت التكليف فيها بالعلم وانفتاح بابه بوجود الطرق العلميّة ، حتّى أنّه لو اتّفق مسألة منها لم يوجد فيها طريق علمي مع وجود أمارة ظنّيّة أمكن منع البناء عليها والتديّن بالمظنون فيها ، لعدم ثبوت التكليف الفعلي لنا بالنسبة إلى ما لا نتمكّن من العلم فيه ، فلو ظننّا بدليل ظنّي بكون الحسن عليهالسلام من أئمّتنا أفضل من الحسين عليهالسلام ، أو بكون علومهم حضوريّة مثلا أو نحو ذلك ، وكان العلم متعذّرا فيه أمكن منع اعتبار هذا الظنّ ووجوب التعبّد به والتديّن بالمظنون ، لمنع ثبوت التكليف الفعلي علينا في خصوص تلك المسألة ، وإن كان ثابتا للعالمين أو المتمكّنين من العلم فيها.
وكيف كان فالمقدّمة الاولى : القطع بثبوت أحكام واقعيّة فعلا ، وتكاليف التزاميّة من وجوبات وتحريمات للعالمين بها بالتفصيل ، كالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه الموجودين في زمنه الّذين تربّوا في حجره ، وضابطه : أنّ الأحكام الّتي نزل بها جبرئيل كانت ثابتة عليهم فعلا ، مع القطع بعدم كوننا في وقائع تلك الأحكام كالبهائم والصبيان والمجانين ، بأن أهملنا الشارع ولم يجعل في حقّنا حكما بالفعل مطلقا حتّى الإباحة ـ بناء على أنّها كغيرها تحتاج إلى خطاب وانشاء ـ بل لنا في تلك الوقائع أيضا أحكام فعليّة أنشأها الشارع وخاطبنا بها فعلا وهذا هو معنى بقاء التكليف.